سفين فاندنبروك (خاص)
حوار خاص/ الصلاحيات داخل الجيش وقاعدته الجماهيرية وملف الانتدابات وانضباط اللاعبين ومواضيع أخرى.. فاندنبروك يقول كل شيء لـ"البطولة"
خصّ البلجيكي سفين فاندنبروك، مدرب الجيش الملكي، "البطولة" بحوارٍ خاص، تطرّق فيه إلى مجموعة من القضايا التي تشغل بال أنصار الفريق العسكري، مُتحدِّثاً فيه كذلك عن الوضع الحالي لـ"القلعة العسكرية"، مُبدياً مواقفه بشأن شتى المواضيع ذات الارتباط بصاحب المركز الثالث ضمن سلم ترتيب البطولة الاحترافية - القسم الأول "إنوي" حالياً.
وأبرز فاندنبروك المُقاربة التي سيعتمدها في ملف الانتقالات خلال الميركاتو الصيفي المقبل، مؤكداً أنه سيحتكم إلى جودة اللاعبين وليس إلى الكمّ في الصفقات التي سيجري إبرامها، وذلك بهدف تقديم الأسماء المُنتدبة للإضافة المرجوة منها ومساعدة الفريق على تحقيق أهدافه المرسومة.
ذات المتحدث، نفى أي تدخُّلٍ أو تطاول يُمارس على اختصاصاته داخل النادي العسكري، مُشدّداً في الوقت نفسه على أنه صارم في هذا الجانب، ولا يقبل أن يتعرّض لإملاءات تدخل في نطاق صلاحياته
وأشاد مدرب سيمبا التنزاني السابق بالمؤهلات التي يمتاز بها لاعبه جلال الداودي والمستويات التي يُقدّمها على المستطيل الأخضر، مُبرزا الأدوار التي يضطلع بها داخل الفريق، بالنظر إلى الخبرة التي يملكها وراكمها في تجارب كروية سابقة سواء داخل المغرب أو خارجه.
كما أمله في مواصلة الداودي للمشوار رفقة الجيش إلى ما بعد نهاية الموسم الحالي، ذلك أن عقد إعارته إلى الكتيبة العسكرية ينتهي مع انقضاء الموسم الكروي الجاري، علماً أنه التحق بالمجموعة في الميركاتو الشتوي المنصرم قادماً من الرائد السعودي.
وفيما يلي الحوار الكامل لـ"البطولة" مع الإطار البلجيكي:
البطولة: منذ قدومك إلى الجيش الملكي، كيف وجدت ظروف الاشتغال والجو العام السائد داخل النادي؟
فاندنبروك: وجدت أن التجهيزات المتوفرة داخل النادي لا بأس بها، لا يمكنني القول بأن كل شيء عصري، لكننا نتوفر تقريباً على كل ما نحتاجه، وما يسمح لنا بالاشتغال جيداً، ربما يجب عصرنة هذه الوسائل مستقبلاً، حتى نعمل في ظروف جيدة للغاية، لقد طلبت منهم تجهيزات جديدة، وهم بصدد توفيرها واقتنائها.
البطولة: كنت من بين العوامل الجوهرية في النتائج الجيدة التي حقّقها سيمبا التنزاني في آخر موسميْن، وهنا نتساءل عما دفعك إلى المغادرة وخوض تحدٍّ جديد بمخاطر مُختلفة وإضافية؟
فاندنبروك: هناك مجموعة من العوامل والدوافع، أولاً لأنني فزت بكل شيء مع سيمبا؛ الدوري المحلي والكأس وكأس السوبر، وكذلك التأهل إلى دوري أبطال أفريقيا، أما السبب الثاني فيتمثَّل في السعي إلى التطور على الصعيد الشخصي، كنت أود الاشتغال في مستوى أعلى ومواجهة التحديات كل أسبوع، لأن الدوري التنزاني هناك 3 أندية فقط قوية والبقية في مستوى أقل، ليس هناك منافسة وتحدٍّ حقيقي، بينما في الدوري المغربي كافة الأندية لديها إمكانيات متقاربة، التحدي أكبر هنا، كما أن هناك دافع آخر يتمثّل في نوعية إدارة دولة تنزانيا لأزمة كورونا، لم يقوموا بأي شيء تقريباً لحماية اللاعبين والمدربين والمواطنين كذلك، رفضوا الاعتراف بوجود الفيروس، لم يُفصحوا عن الأرقام الخاصة بالحالة الوبائية داخل البلد، لذلك رأيت أن هناك خطر في البقاء، إضافة إلى أن مسؤولي النادي كانوا غير حازمين بشأن هذه الجائحة.
البطولة: كنت تُدرك بالطبع ثِقل نادي بقيمة الجيش الملكي ووزنه في الكرة المغربية والأفريقية، هل ساهم هذا المُعطى في قرارك بالتوقيع له؟
فاندنبروك: بالتأكيد، لا يمكنك أبداً مغادرة نادٍ من أجل الانتقال إلى آخر أقل مستوى، بل بالعكس، الرحيل هو دوماً من أجل الاشتغال مع فريق أكثر قوة وشهرة وبتاريخ أكبر، لو كنت سأتأخر خطوة إلى الخلف، كنت سأقول لا، قوة الدوري المغربي وشهرة وعراقة الجيش الملكي أثراً بشكل أساسي في قراري بمغادرة سيمبا وخوض تجربة جديدة في المغرب.
البطولة: ما موقفك من المستويات الحالية لفريقك، هل ترى أن ثمة هامش واسع من التطور أمام المجموعة؟
فاندنبروك: لدينا فريق مُلزم بالعمل في كل المباريات من أجل انتزاع نتيجة إيجابية، إذا توفَّرت الرغبة لدى الجميع في الاجتهاد والمثابرة، فبإمكاننا مراكمة الانتصارات والنتائج المُتوخاة، هذا يعني أن هناك بالتأكيد هامش للتطور والتحسن، خاصة في الجانب الفردي، وبذلك يمكن للمجموعة أن تستفيد من هذا العامل. لقد بنينا مجموعة جيدة، والآن نبحث أكثر عن التقدم إلى الأمام على الصعيد الفردي حتى نُوقِّع على عروض أفضل.
البطولة: أنصار الجيش الملكي يُلِحّون في طرح أسئلة حول الاستراتيجية التي تعتزمون تبنِّيها في ملف سوق الانتقالات القادمة، هل تبلورت لديكم سلفاً سياسة خاصة بهذا الجانب؟
فاندنبروك: نظرياً، نحن دوما مُستندون إلى الميزانية التي يرصدها النادي لهذا الملف، لا يمكننا تجاوز سقف مالي محدد في الإنفاق، لكن بالغلاف المادي الذي نتوفر عليها سنعمل على إيجاد عناصر جيدة ومُنتجة. لن نتطلع إلى التعاقد مع عشرة لاعبين على سبيل المثال، لكن إلى ضم أربعة لاعبين يمتلكون الجودة المطلوبة بنفس الميزانية، لن نعتمد مبدأ الكم، لكن سنشتغل بمنطق الجودة والكيف.
البطولة: هل تملك الصلاحيات المُطلقة في عملية التعاقدات ضمن الميركاتو الصيفي القادم؟
فاندنبروك: ليس هناك أي مدرب يمكنه أن يحظى بالسلطة المُطلقة في ملف الانتقالات، المدير الفني يُقدّم المواصفات التي يطلبها، ولكن في آخر المطاف القرار النهائي يحتكم إلى إدارة النادي والخلايا المرتبطة بالتعاقدات. لا يستقيم أن تَهِب كامل الصلاحيات لشخص واحد فقط، في أي مؤسسة أو نادٍ كان. نعمل في إطار التشاور والنقاش، وإذا تكرّر إسم لاعب معين بيننا، فإن الاتفاق يفرض واقعه، وهذه استراتيجية أفضل بكثير من إعطاء المدرب بمفرده السلطة في هذا الجانب. إنها تمنع كذلك من تضارب المصالح بالنسبة للمدير الفني، وقطع الطريق أمام استفادته مالياً من الصفقات التي يطلبها، لذلك فالنادي عليه تفادي هذا السيناريو كذلك. المدرب ليس مسموح له بالقول إنه يُريد هذا اللاعب أو ذاك ويستفرد بالقرار النهائي، وحين تبحث تجد أن خلفه وكيل أعمال، وهذا معطى سلبي. نتخذ القرارات مع كل الأشخاص المعنيين، وحينما يؤشّر ويوافق الجميع، فعندها نلمس صواب هذا الاختيار الذي نحن بصدد الاستقرار عليه.
البطولة: الكثير من مشجعي الفريق يتخوّفون من إمكانية التطاول على اختصاصاتك ومهامك داخل النادي، ماذا يمكنك قوله في هذا الإطار؟
فاندنبروك: لا، ليس هناك أي تدخل من إدارة النادي في اختصاصاتي لحدود الآن، لا وجود لأي شخص حَشَرَ نفسه في صلاحياتي، إنني لن أقبل بهذا إطلاقاً، إذا جاء أي فرد ليُملي علي قراراته ضمن النطاقات المرتبطة بعملي، فسأقول له توقف وأُعيده إلى إطاره المُحدّد سلفاً، وأُذكِّره بأنني المدرب هنا، لذلك دعني أشتغل مع طاقمي الفني. لغاية الآن، لم يُربكني أي شخص، الجميع يُشكّل عُنصر دفع ومساعدة لي، والكل يشتغل بروح جماعية بهدف تحسين مردود الفريق. 3
البطولة: ما هي الأهداف التي ترسمها مع النادي حاليا؟ هل يمكن القول بأنك تستهدف الصعود إلى البوديوم في الموسم المقبل أو حتى الموسم الجاري؟
فاندنبروك: لن أتحدث عن الموسم المقبل، لكنني سأتحدث عن الموسم الحالي، حينما وقَّعت للنادي، قلت بأننا نضع أمامنا عدة أهداف، أولها ترسيخ أجواء إيجابية داخل المجموعة، وبعد ثلاثة أشهر، أجد أننا نجحنا، الكثير من المكونات سواء جماهير أو وسائل إعلام أصبحوا ينظرون بصورة جيدة إلى الفريق، الهدف الثاني هو إرساء هوية معينة داخل الملعب، في كل مباراة نتحسَّن ونستوعب أشياء جديدة، ونستأنس ببناء الهجمات من الخلف والمناداة على الكرة في العمق، أعتقد بهذه النواة، إذا احتللنا المركز ما بين الثالث والسادس في الدوري المحلي فسيكون موسماً جيداً.
البطولة: يلمس الجميع أنك أشَعْتَ روح الانضباط داخل الفريق، كيف تجاوب وتفاعل اللاعبون معك ومع هذه العقلية الجديدة؟
فاندنبروك: اللاعبون يتجاوبون بشكل جيد مع أسلوبي وما أحاول وضعه داخل المجموعة، ليس هناك لحد الآن لاعبون يحاولون التخاذل، إنهم مُجبرون على التأقلم، وأي إسم ليس بوسعه التكيف، فسنقول له وداعاً والاحتراف ليس لك. إنها ضرورة في قاموس ومنظومة عملي، الانضباط عنصر أساسي في الأجواء التي أحب الاشتغال فيها ومكون هام في تحقيق أي نتيجة إيجابية وإحراز أي تطور.
البطولة: ونحن نتحدث عن لاعبي الفريق، نود سؤالك عن جلال الداودي، كيف تُقيِّم مردوده منذ قدومه؟ وهل تتطلع إلى الاحتفاظ بخدماته وتمديد مقامه بالنادي؟
فاندنبروك: إنه مُعار إلينا من الرائد السعودي إلى غاية نهاية الموسم، لقد تحمّل دور القيادة والنضج داخل الفريق، إنه عميد بالفطرة، هو نموذج جيد بالنسبة لكل اللاعبين الشباب في الجيش الملكي، يُقدّم مستويات جيدة، إنني أرى صفقته إيجابية وناجحة للغاية، لأنه قدَّم وجلب لنا الكثير، بالنسبة لوضعيته الحالية، لست متأكداً في الواقع من بقائه، أتمنى أن تتفق جميع أطراف الصفقة من لاعب والنادييْن المغربي والسعودي على استمراره معنا لموسم إضافي، حتى يواصل مساعدة المجموعة.
البطولة: تدري بلا شك حجم الضغوطات المُلقاة على الجيش الملكي بالنظر إلى قاعدته الجماهيرية الكبرى، هل يخدمكم هذا المعطى؟
فاندنبروك: كل فريق يواجه كمية معينة من الضغط، نعم، في الجيش الملكي ثمة منسوب أكبر مقارنةً بالأندية الأخرى، لكن الرجاء والوداد يتواجدان تحت ضغط مُعين، وكذلك نهضة بركان بعد تتويجه بكأس الكونفدرالية الأفريقية. نادينا يحظى بشعبية كبرى وبأعداد هائلة من الجماهير وبإرث وتاريخ ثقيليْن، وهذا معطى ينبغي علينا تدبيره وإدارته. حينما قَدِمت إلى هنا، الكثيرون قالوا لي لا تغادر المنزل، الأنصار يُمارسون ضغطاً كبيراً، لكنني أقول لهم، إذا عمدنا إلى التخفي عن المشجعين، ماذا يمكننا أن نفعل وسط المباراة، هل سنتخفَّى كذلك؟ الضغط يضعنا أمام مهمة تسييره والتعامل معه، وإظهار أننا لسنا خائفين سواء من الجماهير أو الخصوم، عقليتنا هي التي ستحدد ما إن كنا سننجح أم لا. اللاعب المحترف عليه حُسن التعاطي مع الانتقادات وإحاطة نفسه بانتقاد وتقييم بنّاءيْن، أدري أن مواقع التواصل الاجتماعي تُلقي حملاً ثقيلاً وتحتضن ضغطاً بكمية كبيرة، وأدري أن ذلك لا يُساعدنا، وأتمنى من الجميع أن يتحلّوا بروح إيجابية وتقديم الدعم لنا، وكذلك من اللاعبين أن يُثبتوا في بعض الأحيان أنهم أقوى من أي انتقاد وإبراز قوة شخصيتهم بأداء المهام المنوطة بهم بإتقان وإجادة.
البطولة: كلمة أخيرة ومفتوحة لأنصار الجيش الملكي..
فاندنبروك: حينما قدمت إلى المغرب نبَّهني الكثيرون إلى وزن وثقل النادي وجماهيره، لحدود الآن أحسست بذلك وحوّلته إلى مصدر إيجابي من التحفيز، وهذا يُظهر أن الأنصار يتمنون النجاح والتألق لفريقهم في المستقبل، ويأملون عودته إلى المراكز الأولى في الكرة المغربية، هذا معطى إيجابي بالنسبة لي وأرجو من مشجعي الجيش الملكي مؤازرتنا في اللحظات الجيدة وكذلك السيئة، إنني أجد أن انطباع وآراء الأنصار تغيَّرت كثيراً في الأسابيع الماضية، وبالتأكيد فالنتائج تُساعد على ذلك وعملنا غيَّر من موقف الجماهير، لكنني أناشدهم مساندة اللاعبين والنادي والتحلي بالإيجابية حتى بعد نتيجة سيئة، قفوا بجانبنا وسنصل سوياً إلى ما نطمح إليه.