كونتي يَهْدم حكيمي بنفسه.. اللاعب ليس آلةً ميكانيكية تُطوّعُ بالانتقادات وتُصلح بخطاب التسفيه العلني! - Elbotola - البطولة

أشرف حكيمي وأنطونيو كونتي

كونتي يَهْدم حكيمي بنفسه.. اللاعب ليس آلةً ميكانيكية تُطوّعُ بالانتقادات وتُصلح بخطاب التسفيه العلني!

أيوب رفيق (البطولة)
02 دجنبر 2020على الساعة00:53

في لعبةٍ تضبطها الجزئيات والتفاصيل مثل كرة القدم، وتضيق فيها الهوامش والفوارق بين الأندية، تبقى للنوازع النفسية والقوة الذهنية سطوةٌ تحكم ميزان القوى بين الفرق واللاعبين، وترجِّح كفة طرفٍ على حساب آخر، دون أن نُبخِّس بالطبع قيمة وثِقل الجوانب البدنية والتكتيكية، التي تظل بدورها محددا أساسياً تستند إليه قواعد التنافس التي تتحرّك داخل هذه الرياضة.


لكن يبدو أن بعض المدربين، الذين يُفترض فيهم الإدراك التام لأهمية الجانب "السيكولوجي" ومحوريته في منظومة كرة القدم، أعمياء ويعوزهم حسّ الليونة والانسيابية في إدارة علاقاتهم مع اللاعبين الذين يشرفون عليهم. هم يحسبونهم آلات تشتغل وفق إطارٍ مُجرّد من الصفات الإنسانية والعاطفية، وتُدبَّر بمنطق ميكانيكي خالص.


أقول هذا كأرضيةٍ وتوطئة لما يعتمده المدرب الإيطالي، ، من منهجيةٍ يقود بها مجموعته، وأذكر هنا بالخصوص المقاربة التي فضّل بها الرجل مقاربة علاقته بلاعبه ، الذي عاش أسرع عملية تحوّل وانحدارٍ على صعيد الأداء والإنتاجية، من إسمٍ يشِعُّ تألقاً وتميزاً إلى آخر مُثقل بالانتقادات ومطوق بالشكوك والانكسارات نظير مستواه ومردوده، في غضون بضعة أسابيع فقط.


في آخر حديث إعلامي لمدرب سابقا عن الدولي المغربي، قال دون أن يرف به جفن، وبلهجة مُفعمة بالثقة والجسارة: "لازلت متمسكا بموقفي، أشرف لازال لديه هامش واسع من العمل على جانبه الدفاعي، ينبغي عليه أن يعي حجم الضغوطات الممارسة داخل الكرة الإيطالية، خاصة في نادٍ مثل ".


تلك اللهجة الاندفاعية والصّدامية التي قدَّم بها كونتي رأيه حول حكيمي تُعطي الانطباع بأنهما على طرفيْ نقيض، وتتعارض مع واقع مجاورتهما لبعضهما البعض في فريق واحد يستدعي من جميع أفراده ومكوناته تضافر الجهود وتوحيد القوى. هذا سقوطٌ لا يُبرر لمن خَبِرَ أجواء اللعبة وكواليسها بجبّتيْن مختلفتيْن كلاعب ومدرب، وهذه لغة عاجزة عن استنفار القدرات الكامنة في أي شخص.


في الواقع، لا سوء في أن يسجِّل الإيطالي مؤاخذات عن حكيمي، وأن يقف على مكامن الضعف التي تشوب أسلوبه، فهذه من صفات المدربين المطلوبة، لقيادة لاعبيهم إلى حد أقصى من العطاء واستخلاص كافة ما يختزنونه، لكن أن يجهر كونتي بذلك أمام الملأ، وبما يلامس الاستفزاز والتقريع، هنا يبدو الأمر قد زاغ عن البيداغوجيات المعمول بها في التعاطي الأمثل مع اللاعبين داخل وخارج رقعة الميدان.


المدرب المتمكِّن ليس هو من يضع الرسوم الخططية والمناهج التكتيكية فحسب، ولا هو من يقف على خط التماس موجها لاعبيه وصادحاً في أوجههم فقط، إنما المدير الفني الفذ من يحتضن أفراد فريقه، ويلم شتاتهم ويبدد أي ذرة شك بوسعها أن تندسّ في نفوسهم، تلك من الخصال المشتركة التي تجمع الأطر الفنية الناجحة التي صنعت جزءاً من تاريخ الكرة وتركت إرثاً فيها.


هناك بالقطع اختلاف بين المدارس التدريبية في التعامل مع اللاعبين، ثمة مدربون يحرصون على الحزم والصرامة مع عناصر مجموعتهم، بينما آخرون ينزعون إلى العزف على الوتر العاطفي ودغدغة مشاعر نجومهم، لكن الأكيد أن ما أتاه كونتي لا ينتمي إلى أي من المدرستيْن، بل هو خروج عن النص وهدمٌ وتسفيه لإمكانيات ظهيره المغربي بمعولٍ أشهره أمام الجميع، ولم يظل حبيس الغرف المغلقة.


المؤهلات التي يزخر بها ويكتنزها حكيمي ليست محل جدال، في نظر العارفين على الأقل، وطاقاته الكروية لا يمكن أن يُنازع فيها إثنان، وإلا لما أقدم النادي الإيطالي بقيادة مدربه على تسديد ما يفوق 45 مليون يورو لاستقدام اللاعب إلى "جيوزيبي مياتزا" في الصيف المنصرم، وهنا يجب أن يُسائل كونتي نفسه، ويمارس نقدا ذاتيا لأسلوبه في توظيف حكيمي الذي كان في ذروة العطاء على امتداد مواسم احترافه، وصار بقدرة قادر معطوباً وقاصراً في منظور مدرب يوفنتوس سابقا.


ما يحتاجه اللاعب البالغ من العمر 22 سنة الآن أكثر من أي وقت مضى هو دعم ومساندة مدربه، واستشعار حجم مؤازرته، حتى يُفرج عن كل ما يحفل به من إمكانيات ومهارات، لذلك فالكرة في ملعب كونتي لإعادة النظر ومراجعة سياسته مع لاعبيه، والأمر كذلك موكول لحكيمي لتحدي كل العقبات، ولو كانت من داخل المحيط، وإخراس الأفواه والانفجار كروياً ورياضياً.

طاغات متعلقة

أخبار ذات صلة