تقرير خاص | كيْفَ نَفَضَ يوفنتوس غُبَارَ "الكالتشيو بولي" وانْبَعَثَ من جديد؟ - Elbotola - البطولة

يوفنتوس

تقرير خاص | كيْفَ نَفَضَ يوفنتوس غُبَارَ "الكالتشيو بولي" وانْبَعَثَ من جديد؟

إعداد: أيوب رفيق (البطولة)
05 أكتوبر 2018على الساعة17:06

في طريق العودة إلى القمة، واستعادة عرش الكرة الإيطالية، انهمكت مكونات نادي في العمل الدؤوب، وراحت عقول تدرس الأوضاع وتُهندس لبنات المستقبل، فيما عكفت أخرى على تفعيل الإستراتيجيات وترجمتها إلى أرض الواقع، في سبيل انبعاث فريق السيدة العجوز، بعد ميلاد جديد كُتب له، بصعوده ل مجددا، سنة 2007.


حكاية انحدار "البيانكونيري" إلى دوري الدرجة الثانية، نتيجة قضية "الكالتشيو بولي" المُثيرة للجدل، باتت جزءً من الماضي، ما دام سيد الكرة الإيطالية قد أدار ظهره للخلف ورسم مستقبلا مُشرقا سَحب به من ذاكرة المتابعين كل ما عاشه الفريق بين سنتيْ 2006 و2007.



بيد أن النجاح الذي يحصده اليوفي، في الوقت الحالي، لم يكن ليُبصر النور، لولا انصهار مجموعة من العناصر في بوتقة واحدة، والتفافها حول مشروعٍ أمنت به بشدة، وفي مقدمتهم رئيس الفريق منذ سنة 2010، أندريا أنييلي.


العقل المُدبِّر ومهندس النجاح

"لمَّا تولّيت رئاسة نادي يوفنتوس، حلّلت الوضع وشكّلت رؤية عما يعيشه الفريق، فقررت التخلي عن المُقاربة المعتمدة في تدبير النادي"، يقول أنييلي عن أولى الخطوات التي باشرها كرئيس للعملاق الإيطالي، ضمن محاضرة ألقاها بمدرسة لندن للتجارة، عام 2012.



اعتلى المقاول الشهير رئاسة النادي في ظرفية كان يُجافي فيها رفاق أليساندرو ديل بييرو الألقاب، إذ صاموا عن إحراز الدوري المحلي منذ عودتهم لـ"الكالتشيو"، سنة 2007، وهو ما أتاح له هامشا واسعا من المشروعية لإحداث مجموعة من التغييرات.


عمد أنييلي في بادئ الأمر إلى الإستغناء عن جملة من اللاعبين الذين لم يعودوا يلائمون الفريق في الطموحات والإمكانيات، فاضطر إلى تسديد مستحقاتهم لفسخ العقود، بسبب خروجهم من دائرة اهتمام الأندية الأخرى، "لذلك أدركت أننا سنُقبل على تكبد خسائر هامة موسم 2012/ 2011 بفعل النفقات التي استلزمها إعادة بناء الفريق"، يُضيف البالغ من العمر 42 سنة.


سليل عائلة أنييلي الشهيرة بإيطاليا، لم يستهلك كثيرا من الوقت ليهتدي إلى مصادر عديدة للتمويل، حيث أفلح بداية من 2012 في مراكمة المستشهرين، ومضاعفة المداخيل من الملعب الجديد، وذلك بعد تحسن نتائج الفريق وانطلاقه في التتويج بـ"السيري آ" منذ موسم 2012/ 2011.



ولأن اليد الواحدة لا تُصفق كما يُقال، فإن أندريا اتكئ في الناحية الرياضية على المخضرم، جوزيبي ماروتا، مُوكلا له مهمة إبرام الصفقات وانتداب اللاعبين، بناءً على الخبرة التي يزخر بها إثر إشرافه على الإدارة الرياضية لسامبدوريا، من 2002 إلى 2009، فضلا عن تجارب أخرى.


صفقات على المقاس وأخرى تُنذر بالنجومية

لا يُضاهي صيته نجوم المستديرة، لكنه يتمتع بسمعة تقترن بالإبداع والبذل وتقديم الإضافة، ذلك أن جوزيبي ماروتا اشتغل خلف الستار وضَبط إيقاع النادي الإيطالي في الميركاتو، بواسطة صفقات على قدر كبير من الذكاء وكذا الفعالية.



يتحلى ماروتا بعينه الثاقبة في اكتشاف الأسماء الواعدة والقادرة على البروز، رغم أنها ليست ذات سمعة ذائعة، وهو ما فتح الباب لليوفي لضم لاعبين بأسعار معقولة ثم إفساح منصة التألق والتوهج لهم، ليملك بعد ذلك النادي خيار تسريحها بمبالغ مالية هامة.



ينطبق هذا المعطى على لاعبين من قبيل المدافعيْن، ليوناردو بونوتشي وأندريا بارزالي، المُنضمان للفريق صيف 2010 وشتاء 2011 على التوالي، علاوة على أسماء أخرى، أهمهما النجم الفرنسي، بول بوغبا، الذي قدِم مغمورا، صيف 2012، ورحل أيقونة لامعة بأكثر من 105 ملايين يورو، بعودته إلى مانشستر يونايتد، الصيف الفارط.


لم ينحصر الدور الذي اضطلع به جوزيبي في الإطار المتعلق باللاعبين فقط، بل امتد كذلك ليطال اختيار المدير الفني للفريق، بعدما أغلق إحدى أنجح الصفقات الخاصة بالمدربين، حين آمن بأنطونيو كونتي وساهم في تسليمه مهمة الإشراف على يوفنتوس، وليس في جعبته سوى تجارب متواضعة رفقة أندية مثل سيينا وأتالانتا وباري.


يفرض ماروتا نفسه، اليوم، كواحد من الأعمدة الأساسية لمنظومة "البيانكونيري" في عهده الجديد، فلا يجوز الحديث عن النهضة التي أنعشت الفريق، دون استحضار مساهمة صاحب 61 سنة وإتيانه بالإضافة المرجوة.


كونتي يبني وأليغري يُكمل المسير بخطى ثابتة

وسط شكوك كثيفة حامت حول إمكانية نجاحه، ولغط خلّفه اختياره لقيادة العارضة الفنية للفريق، بدا المدير الفني، أنطونيو كونتي لدى قدومه لليوفي مُدركا لمراميه، وغير زائغٍ عن الأهداف التي وضعها نصب أعينه.


رغم سيرته الذاتية المُنعدمة الإنجازات، اقتحم الربان الإيطالي قلعة "البيانكونيري" بزادٍ تكتيكي ثقيل، وشخصية "كاريزمية" عبّدت له الطريق لبسط "سيطرته" على المجموعة، التي تنطوي على نجوم وازنين، على غرار "الأيقونة" أليساندرو ديل بييرو.



ووجد كونتي في "2-5-3" ملاذا وسلاحا فتاكا افترس به الأندية الإيطالية، حيث بعث الروح في هذه الخطة وبلورها ثم أضفى عليها لمسته الخاصة، وذلك بعد تجربته للعديد من الرسوم الخططية.


على نقيض ما توحي به 2-5-3، كان الإيطالي مفتونا بالإستحواذ على الكرة، ما أمكنه ذلك، وصناعة اللعب من الخلف، مُستندا على ثلاثي الدفاع ولاعبيْ الإرتكاز اللذان يعودان للوراء، كما سلكَ خيار الإنسلال من الأطراف، وهو ما يفرز نمطا هجوميا متكاملا ينافي الإنطباع السائد عن الكرة الإيطالية.



حصيلة صاحب 49 سنة رفقة اليوفي لم تنزل عن ثلاثة ألقاب للدوري في ظرف ثلاثة مواسم، قبل أن يُخالف التوقعات وينفصل عن نادي السيدة العجوز، مشيحا بوجهه عنها صوب المنتخب الإيطالي.


وما إن ترجل كونتي عن سفينة يوفنتوس، حتى عادت علامات الإرتياب تُحيط بمستقبل الفريق، خاصة عقب التعاقد مع المدرب، ماسيميليانو أليغري، الذي خاض تجربة خدشت جانبا من سمعته رفقة أيسي ميلان، المتخبط في العراقيل الإقتصادية وكذا الإدارية أنذاك.



غير أن تلك المخاوف سرعان ما تبدّدت مع انقضاء أولى مواسم أليغري على رأس العارضة الفنية لليوفي، فالإيطالي أحسن ضبط غرفة الملابس وطوَّع لاعبيه بالمعنى الإيجابي للكلمة، ثم أضاف لمسته على الصعيد التكتيكي، وهو ما قاد "سيد" الكرة الإيطالية لإحكام قبضتها على المستوى المحلي والمقارعة أوروبيا، لحدود الآن.


انتداب كريستيانو رونالدو .. عهد جديد مُخطَّط له

أبرم حامل لقب الدوري الإيطالي في آخر سبعة مواسم أضخم صفقة في الميركاتو الصيفي المنصرم، حينما تعاقد مع البرتغالي ، وفضَّ علاقة دامت لتسعة مواسم بينه وبين ريال مدريد، إذ دفع مُقابل ذلك أكثر من 105 ملايين يورو وراتب سنوي يفوق 30 مليون يورو سيتقاضاه اللاعب. 


هذه الخطوة العملاقة التي أقدم عليها "البيانكونيري" جاءت في إطار سيرورة تم التخطيط لها، قبل عدة سنوات، فمنذ الشروع في تشييد أولى لبنات العهد الجديد، جرى استهداف الوصول إلى فريق يحمل بين طياته نجوم من العيار الثقيل ويُقارع على أبرز المسابقات المحلية والقارية. 



النادي الإيطالي أثبت استفادته، لحدود الآن، من الصفقة الصيفية التي أغلقها، سواء رياضيا، من خلال عطاءات البرتغالي والثقة التي نفَثَها في نفوس زملائه، أو اقتصاديا، بواسطة أسهم النادي التي ارتفعت في البورصة، وكذلك ارتدائه ثوب المُرشَّحين للتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا. 


يقف الآن فريق السيدة العجوز، في الوقت الحالي، أمام موسم بالغ الأهمية سيُشكِّل مُنعطفاً في تاريخ النادي، حيث تروم جميع مكوناته مُعانقة لقب دوري أبطال أوروبا، عقب بلوغ نهائييْ 2015 و2017، مما دفع المسؤولي إلى الاحتفاظ بأبرز اللاعبين ومقاومة إغراءات التخلي عنهم، من قبيل ميراليم بيانيتش وأليكس ساندرو.

طاغات متعلقة

أخبار ذات صلة