"وحيد لا ترحل..!" - El botola - البطولة

"وحيد لا ترحل..!"

محمد زايد (البطولة)
15 يونيو 2022على الساعة15:00

وأنت تُطالع مستجدات الساحة الرياضية في المغرب خلال هذه الأيام، لن تخرج عن أبرز موضوعين كبيرين، أولهما الناخب البوسني ، والثاني يتعلق بالديربي البيضاوي بين الرجاء والوداد غدا الخميس، وما يسبق ذلك من أخبار وكواليس ومعلومات هنا وهناك، حقيقية كانت أم تلك التي وُضعت بهدف "الرّواج".

لكن المُلاحظ وأنت تتنقل بين هذا الموقع وذاك وتلك الصفحة وأُخرى، وحتى بين آراء ومناشير رواد مواقع التواصل الإجتماعي، يظهر لك حجم الأسى والإحباط البارز في حروفهم وعباراتهم، تشعر وكأنهم تعرضوا للخيانة والغدر ممن اعتقدوا أنهم سيُراعون لوضعيتهم ووضعهم منذ أكثر من سنتين، بعد أن لفظهم بحر كورونا وهم أجساد دون أرواح برغبات وأحلام ميتة.

لم يعد المغاربة يطالبون برحيل وحيد، لقد غيّروا مطلبهم، وأضحوا يلتمسون التخفيف من أعباء الحياة التي تزداد يوما بعد يوم، حتى وهم يتحدثون عن الأداء العقيم للمنتخب ويتبادلون التوقعات بخصوص الديربي، ترى الحسرة في "لحن القول" حين يتساءلون عن سقف الزيادات اليومية، ومدى تأثير ذلك على جيوبهم، والمقصود هنا جيوب سراويلهم وجيوبهم الأنفية التي ما عادت تتنفس كالمعتاد مختنقة أيّما اختناق الآن.

في مباراة المنتخب المغربي ونظيره الليبيري الأخيرة، خاطب أحدهم النادل في أحد مقاهي عين الشق عن سبب زيادة درهمين في ثمن "النوار"، فأجابه بأن الزيادات طالت كل شيء، فرد عليه وهو يهم بالوقوف: "جوج دراهم زايدة فيا لي نجي نحطها أنا على وحيد، ربح بالقهوة وربح حتى بهاد الكورة كاع".

قيمة الدرهمين لا زالت مؤثرة عند المواطن البسيط اليوم، قد يعتقد البعض أنها لا تُعطى إلا لبعض حراس السيارات طوعا، غير أنهم لم يسألوا "أحمد" أخ "العربي" صاحب محل بيع المواد الغذائية بشارع "الطاح" الذي اعترف لي بالأمس بعد منتصف الليل قبل الإغلاق: "خويا الزيدي الناس مزالا كاتجي تاخد درهم أتاي ودرهم سكر وخبزة وقبطة النعناع ومسحوق التصبين ديال درهم.. كاين لي كايجي ياخد قوت يومو النهار بنهارو، بحال هاد السيد قدامك خدا زوج دراهم سكر".

إن الزيادات المتتالية في سعر المحروقات آخرها صباح هذا اليوم، أثرت على معيشة المغاربة بشكل عام وبشكل مباشر، حتى لو لهذه الزيادات ما يبررها عالميا، وماذكره بايتاس الناطق الرسمي باسم حكومة أخنوش في الأسبوع الأول من أبريل الذي مضى يفسر ذلك، حين قال أن الحكومة ستدعم قطاع النقل ومهنييه، والمواطنين عامة "لي عندو شي طوموبيل يقد بيها"، وهو ما يبرر رفض الحكومة التدخل للحد أو التخفيف من هذه الزيادات، تماما كما صرحت وزيرة المالية نادية فتاح قبل أيام بأن الدولة لا تضع هذا الأمر ضمن مخططاتها، وأن هناك أوراشا كبرى تشتغل عليها ذات توجه إجتماعي عموما بهدف إصلاحه بالدرجة الاولى.

تداول البعض حلولا من شأنها تخفيف الثقل عن جيوب المواطنين عامة كالتقليل من قيمة الضرائب على المحروقات، وتقليل هامش الربح كذلك وتسقيفه والتمييز في التكلفة بتمييز قيمة المركبات، فهؤلاء المواطنون المصنفون بين هنا وهناك أصحاب سيارات 6 و 7 أحصنة، والتي لا تتجاوز قيمتها 30.000 و40.000 درهم، مخصصة لقضاء المآرب الضرورية وليست للزينة ولا للتفاخر، ممن وجه لهم الوزير خطابه بتحمل مسؤولية تكلفتها، هم من تجد رواتبهم الشهرية بين 3000 أو 4000 درهم يأخذ منها البنزين 1500 درهم شهريا أو أكثر اليوم، وتأخذ تكلفة المعيشة منه ما تبقى إن استطاع لذلك سبيلا حتى بمساعدة ديون لا يعلم موعد سدادها، فتجده نفسه يزهد في الدرهمين بالمقهى ذاك حين مشاهدة منتخب وحيد، فينطفئ بداخله الشغف والرغبة ويوفر الدرهمين على أخرى ثم أخرى، حتى يستطيع إضافة لتر من البنزين لسيارته المهترئة موصِلته لعمله المُمل ناقلة أبنائه للمدرسة صاحِبة التكلفة المضافة بعد شهرين وحاملة خروفه "المُقتنى بدين آخر" بعد أيام، لذلك فهو لم يعد يهمه وحيد هل سيبقى أم سيرحل، بقدر ما يفكر في كل ما سبق وكيف سينظم حياته ويوازن بينها بتلك الدرهمين..!

للتواصل مع الكاتب:

طاغات متعلقة

أخبار ذات صلة