
فيروس "كورونا" في طور إفراغ المخزون الوطني من الدَّم .. وفاعلون يستغيثون: "نخشى أن تُخلِّف قلة الدّم ضحايا أكثر من وباء كوفيد19"
يَرْزَحُ المخزون الوطني من الدَّم تحت وطأة الخصاص، وتعيش مراكز "تحاقن الدَّم" في المملكة انخفاضاً مًهولاً للمتبرِّعين، بسبب اعتماد المغرب "حالة الطوارئ الصحية"، وتقلُّص الأشخاص الذين يُغادرون منازلهم، في إطار الجهود المبذولة للحد من تفشي وباء "كورونا" المستجد.
في جهة الدار البيضاء – سطات الكبرى، كان المركز الجهوي لتحاقن الدَّم يُعبِّئ ما بين 500 و600 كيسا يومياً من تبرُّعات الأشخاص، قبل العمل بمبدأ "الحجر الصحي"، بينما يُراهن حالياً على بعض المبادرات المتفرقة والمتناثرة من أجل تأمين الحد من الأدنى من حاجيات المرضى لهذه المادة.
وفي هذا الصدَّد، قالت مديرة المركز الجهوي لتحاقن الدم بجهة البيضاء – سطات، أمل دريد: "كُنا ننتظر تأثر المخزون بحلول حالة الطوارئ الصحية، لقد كان الاعتماد بشكل كبير على الوحدات المتنقلة التي نضعها في عدة فضاءات، والآن مع الحجر الصحي، تم الاضطرار إلى إلغائها".
وأضافت دريد في تصريح خاص لـ"البطولة": "وجدنا أنفسنا في مواجهة خصاص كبير، في الوقت الذي يوجد هناك 400 طلب للتزود بالدم، لذلك عَمِدنا إلى إطلاق نداء تلفزي وعبر عدة وسائط؛ وهو ما استجاب له العديدون سواء مواطنين أو رجال الدرك والأمن والقوات المساعدة".
بيد أن المبادرات الفردية أو الجماعية التي قامت بها بعض الفئات لإنعاش المخزون الوطني من الدم، في الأسابيع القليلة الفارطة، تظل غير كافية لملء بنك الدّم الذي يُمكن الاستناد إليه في الأيام القادمة، خاصة مع قرب حلول شهر رمضان، الذي ينخفض فيه منسوب هذه العملية بشكل تلقائي.
وأردفت مديرة المركز الجهوي لتحاقن الدم بالقول: "صحيح أن المخزون انتعش قليلاً، لكنه لا يدوم، فأكياس الدم لديها تاريخ صلاحية بدورها، وإذا تراجع مستوى التبرع بالدم سنعيش خصاصاً من جديد، وعندها قد يهلك لا قدر الله مرضى بسبب قلة الدم أكثر من انتشار فيروس كورونا".
ذات المتحدثة، أشارت إلى أن ثمة مرضى في أمس الحاجة إلى الدم، على غرار الأطفال الذين يعانون من السرطان أو الأشخاص الذين يقومون بتصفية الكلي بصورة دورية، مُتابعة بالقول: "قبل أسبوعيْن، احتاجت سيدة تعرّضت لنزيف أثناء إنجاب رضيعها إلى 16 كيس دم، ولكم أن تتخيلوا مآلها ومصيرها لو لم يكن مخزون الدم كافياً على المستوى الجهوي والوطني كذلك".
واستطردت ذات المتحدثة قائلةً: "عملية التبرع بالدم هي مسألة حياة أو موت، لقد رفعنا طلباً إلى السلطات من أجل إضافة هذا النّشاط إلى وثيقة التنقل الاستثنائي واعتبارها في خانة النشاطات المندرجة ضمن إطار الضرورة القصوى، لأن هذه المسألة تكتسي أهمية بالغة، خاصة أننا مقبلون على شهر رمضان".
"في الشهر الكريم، لا تجري هذه العملية قبل الإفطار، وتُستأنف فقط بعد صلاة التراويح، حيث نَنْصب وحداتنا المتنقلة بالقرب من المساجد التي هي مُغلقة في الوقت الحالي، لذلك إذا لم نُضاعف من إيقاع التبرع بالدم في المرحلة الراهنة، فإننا سنشكو جائحة قلة الدم مثل جائحة فيروس كورونا"، تدق أمل دريد نقوس الخطر.
وواصلت مدير المركز الجهوي لتحاقن الدَّم أن عملية التبرُّع تجري على نحو آمن وفي ظروف تستجيب للإرشادات والتوصيات الوقائية من فيروس "كورونا"، لافتةً إلى أنه تم تجهيز المركز بمعدات للحماية وأدوات للوقاية تجعل من المُرتادين لهذا الفضاء في منأى عن هاجس إمكانية انتقال العدوى إليهم.
وكانت مجموعة من الفصائل المُساندة للأندية المغربية قد نظَّمت مبادرات للتبرع بالدم في الأسابيع القليلة الماضية، إيماناً منها بأهمية هذا السلوك في الظرفية الراهنة، كما نسج رجال الأمن والدرك والقوات المساعدة على ذات المنوال، مُساهمين في إنعاش المخزون الوطني من الدم.