شارع روسيا (7) | “تشجيع الأعداء أو اللجوء للدواء” - El botola - البطولة

شارع روسيا (7) | “تشجيع الأعداء أو اللجوء للدواء”

سلسلة حصرية للبطولة
08 يوليوز 2018على الساعة06:36

بقلم | محمود ماهر (البطولة / سان بطرسبيرج - روسيا)


مَن سَيطلق على أحد شوارعه اسم "روسيا"؟ .. رحلة مراسلنا "محمود ماهر" لا زالت مُستمرة في شوارع المدن الروسية لتغطية كواليس كأس العالم 2018 .. واليوم موعدكم مع الحلقة السابعة بعنوان “المعادلة الصعبة أو نسيان الألم”..


نعمة النسيان



إذا قررت السفر إلى كأس العالم خلف فريق بلدك أو خلف فريقك المُفضل، فعليك قبل أن تتحلى بالقوة البدنية والجسدية لتحمل مشقة السفر والترحال بين المدن، أن تكون في قمة الاستعداد النفسي والذهني لتحمل الصدمات بشتى أنواعها، مثل الخروج من الدور الأول كما حدث لنا كعرب وكما حدث للألمان، أو كصدمة الخروج المُبكر من الأدوار الإقصائية كما حدث للأرجنتين والبرازيل، وإلا فلن تستمتع برحلتك وستندم على كل فلس أنفقته، وستتحسر على كل دقيقة مرت عليك خارج وطنك.


لهذا عليك أن تنسى بسرعة قياسية وتحاول الاستمتاع قدر المستطاع حتى لو أجبرتك المنافسات على الوقوف جوار أحد الفرق التي تسببت في خروج بلدك، وبعد انتهاء الحدث وتقضي أيامك الجميلة، يمكنك أن تعترض كما تشاء وتقرأ الأسباب في الصحف والمواقع.


ككاتب صحفي في عقده الثالث يحضر كأس العالم للمرة الأولى، لم يكن أمامي أي خيار أخر بعد توديع الدول العربية للدور الأول من المونديال سوى اللجوء إلى ذلك الدواء الخرافي “النسيان” بهدف مواصلة الاستمتاع بالحدث والاستفادة منه في تقديم مواد وقصص تشبع رغبة القاريء.


نعم، لا بديل عن النسيان للمشجع والصحفي وحتى لاعبي المنتخبات المغادرة، وأرى أن الزميلين “يوسف الشافعي وعز العرب” اتبعا نفس السبيل، ولهذا قدما كم وفير من المواد المصورة من عدة مُدن قبل أن يستقرا في موسكو.


تجاوز النتائج المخيبة لمصر وتونس والمغرب والسعودية، لم يدفعنا نحو العودة إلى دايرنا، أردنا متابعة العمل وتوزيع طاقتنا.


حاليًا أتواجد في بطرسبيرج لحضور نصف النهائي الأول بين بلجيكا وفرنسا على ملعب زينيت آرينا يوم 10 يوليو، وسيواصل الزملاء تواجدهم في موسكو لحضور نصف النهائي الثاني بين إنجلترا وكرواتيا على ملعب لوجنيكي.


وأعتقد أن معظم الأجانب وليس العرب فقط، فكروا بنفس الكيفية..فلا زلت أرى مشجعين من “بيرو والبرازيل والأرجنتين والمكسيك وألمانيا” رغم توديع منتخباتهم…


السويد وبطرسبيرج



بعد خروج هولندا وإيطاليا من تصفيات المونديال على يد السويد، ثم خروج ألمانيا من الدور الأول بسبب النتائج الإيجابية للسويد أمام كوريا الجنوبية والمكسيك، أكتسب الفريق شعبية ليست بالهينة حول العالم، وتعاطفًا من الشعب الروسي على وجه التحديد.


الروس أحبوا معظم الزوار وتعاملوا معهم برقي،  جمهور مصر والمغرب والبرازيل والمكسيك، لكن تشجيعهم وتفاعلهم مع السويد كان مختلفًا عن سائر المنتخبات.


رأيت أبناء بطرسبيرج يرسمون أعلام السويد على وجوههم بكل حب، ويهتفون لها قبل وأثناء وبعد مباراتهم أمام سويسرا على ملعب زينيت آرينا الأسبوع الماضي، لتفوز السويد بهذف، ويعود الروس لمؤازرتهم أمام إنجلترا في ربع النهائي، لكن هذه المرة كانت رياح الإنجليز اقوى واطاحت بالسفينة الصفراء بثنائية ماجواير وأللي.


لكن لن ينسى كل من تواجد في المونديال المنتخب السويدي، فيكفي أن أغاني مثل “فرناندو وشيكيتيتا” لفريق الآبا السويدي لم تنقطع عن المطاعم والمقاهي طوال فترة إقامة جمهور الفريق لمدة 4 أو 5 أيام في بطرسبيرج، وهي أيام جميلة بالنسبة لي، فلم أستمع إلى كلمات إنجليزية منذ مدة!.



ذلك التأييد الملموس كان نابعًا من تغيير الحكومة السويدية لموقفها تجاه مقاطعة الدول الأوروبية للمونديال، فقد قامت السويد بحث مواطنيها على السفر إلى موسكو وبطرسبيرج لحضور المباريات.


وعندما جاء موعد مباراة السويد وإنجلترا في ربع النهائي، رأيت خيبة الأمل في عيون سكان بطرسبيرج بعد خسارة السويد بهدفين دون رد في مدينة سامارا، ليس خوفًا من مواجهة الإنجليز في نصف النهائي، بل كرهًا في الإنجليز الذين لم يكفوا عن التقليل من قدراتهم وإمكانياتهم وبنيتهم التحتية لاستضافة الحدث.


منذ أن نجحت روسيا في انتزاع شرف تنظيم مونديال 2018 من الملف الإنجليزي، والصحف البريطانية والأميركية تتناقل أخبارًا مغلوطة عن روسيا سواء من النواحي السياسية أو الرياضية.


وظهرت تقارير خلال الصيف الماضي تناقش قضية تناول لاعبي المنتخب الروسي للمنشطات، وطالب الإنجليز بإيقاف أبرز نجوم الفريق أمثال دزوجاييف وجولوفين وأكينفييف وجيركوف وسيرجي، بهدف إضعاف آمال البلاد في المونديال.


وعادت نفس الأخبار لتظهر على صدر الصحف البريطانية والإسبانية بعد الفوزين العريضين لروسيا أمام السعودية ومصر في أول جولتين من دور مجموعات كأس العالم.


لكن الجرعات العشوائية التي أخذت من اللاعبين الروس جاءت سلبية، واتضح الأمر أكثر حين بدأ الإعياء البدني يظهر على المنتخب الروسي في الوقت الإضافي بمباراتي إسبانيا وكرواتيا.


الأعداء؟



كما أخبرتكم في البداية، النسيان هو الحل لمواصلة الاستمتاع بالحدث، هذا عن الزوار، فماذا عن أصحاب الدار؟.


تشجيع كرواتيا أو إنجلترا خيارين مُر كطعم الحنظل، لماذا؟


كرواتيا حرمت روسيا من لعب أول نصف نهائي في تاريخها الجديد بالمونديال، وثاني نصف نهائي منذ أيام الاتحاد السوفيتي عام 1966.


أما إنجلترا بإعلامها الشرس (جارديان والصن وديلي تلجراف وديلي ميل) فقد تمكنت من التأثير على سمعة روسيا بالسلب خلال السنوات الخمس الماضية، ما قلص كثيرًا من الحضور الأوروبي للمونديال.


تشويه ملف التنظيم الروسي للمونديال تم منذ اللحظة الأولى عام 2010 من ناحية البنية التحتية والاستعداد الأمني، وأتم الإنجليز مهمتهم بنجاح حين استخدموا قضية سيرجي سكريبال مؤخرًا لإقناع الدول الأوروبية بالمقاطعة.



مع ذلك عامل الروس الإنجليز الذين تواجدوا هنا بترحاب وتواضع دون مشاكل، ولإثبات حسن النوايا، قامت المتاجر المختصة في بيع الملابس الرياضية بوضع الطقم الكامل للمنتخب الإنجليزي في الواجهة، على حساب أطقم منتخبات أخرى مثل ألمانيا والبرازيل والأرجنتين فضلاً عن المنتخب الروسي!.


لكن الإعلام الإنجليزي لم يتطرق لتلك المسائل ولم يحاول إبراز ترحيب الروس بهم أو التطرق للأمن المُستتب في جميع المدن، وانعدام ظاهرة الهوليجانز.



على أي حال، نسيان ما فعله الإنجليز وارد، وقد نرى الروس يؤازرونهم بالفعل في نصف النهائي بعد ردة الفعل تجاه الخسارة من كرواتيا والتي كانت هادئة جدًا وتعبر عن أخذهم للأمور ببساطة دون تعقيدات، إذ خرجوا  في مواكب هتفوا خلالها باسم بلدهم ولتشيريشيف ومعظم اللاعبين الذين فعلوا ما عليهم بالتعادل 2/2 مع منتخب قوي يضم بين صفوفه نجمي برشلونة وريال مدريد "راكيتيتش ومودريتش"، قبل أن يودعوا بفارق ركلة واحدة. لننتظر ونرى.، يا خبر اليوم بفلوس، بعد 3 أيام سيكون "ببلاش"..


للتواصل مع الكاتب "محمود ماهر" (اضغط هنا)