كلاسيكو إنجلترا | "فيل تشيزنال" .. قصة اللاعب الوحيد الذي انتقل من اليونايتد إلى ليفربول قبل 55 عامًا

تأصل الصراع بين مدينتي ليفربول ومانشستر بداية القرن العشرين، ولم يكن أحد يتوقع أن تلك العداوة سوف تخلف لجماهير كرة القدم أشرس مواجهة بين الفرق الإنجليزية على مدار تاريخ اللعبة الممتد، وهي قمة نادي مانشستر يونايتد ضد نادي ليفربول.

المباراة الأهم والأكثر متابعة حول العالم بالنسبة لرزنامة مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، سوف تطل بظلالها على متابعي المسابقة مساء الأحد القادم، في إطار الجولة التاسعة من الدوري الإنجليزي موسم 2019-20، خلال فصل جديد سيقام على مسرح الأحلام، ضمن فترة انقلبت فيها الموازين لصالح الطرف الساحلي من الديربي الشمالي الغربي.

نقطة التحول الأبرز عبر تاريخ مواجهات الناديين الإنجليزيين كانت بداية فترة الستينات، والحقبة التي تلت شق القناة الساحلية لمدينة مانشستر، مما سبب بعض الكساد التجاري لدى ميناء مدينة ليفربول البحري، وهو ما جعل هناك تعصب كبير بين شعب المدينتين، فالعاطلون عن العمل داخل مدينة ليفربول لم يكن هناك ما يستفزهم أكثر من سماع اسم أو رؤية شخص من مدينة مانشستر، وبطبيعة الحال انتقل هذا التعصب إلى ملاعب كرة القدم، ليضيف المزيد من الأهمية للقاء اليونايتد ضد ليفربول.

وكان أبرز ضحايا الاحتقان بين المدينتين لاعب يدعى "فيل تشيزنال"، دفع بانتقاله المباشر من مانشستر يونايتد إلى ليفربول ثمن شراسة الديربي، وتعرض للكثير من المشاكل، ولم يكن يعرف أنه حتى عام 2019 لن يجرؤ لاعب على تكرار ما فعله طوال 55 عامًا، ولكنه وصف كل ما حدث له بـ"المتعة".

من هو فيل تشيزنال؟

فيل هو مهاجم إنجليزي ولد بمدينة مانشستر، واحترف كرة القدم في النصف الأحمر منها لدى نادي مانشستر يونايتد، ليبدأ مسيرته عام 1959، خلال مرحلة بناء الجيل الجديد أو ما يعرف عبر تاريخ الشياطين الحمر بفترة "أبناء بازبي".

لعب رأس الحربة طويل القامة بقميص اليونايتد 47 مباراة خلال أربع سنوات، ولكنه رقم لم يرض طموحاته، ليستجيب لنداء الجيران، ويطلب الانتقال من اليونايتد عام 1964 إلى الغريم ليفربول، على الرغم من أن هذا الأمر كان أصعب طلب يمكن أن يتوجه به شخص ما إلى "مات بازبي" في هذا الوقت.

ولكن بمقابل ضخم حينها بلغ 25 ألف باوند، فضّل مانشستر يونايتد الاستفادة ماديًا، وترك لاعبه يرتحل 30 ميل فقط ليلعب بقميص أحمر آخر وهو قميص ليفربول، في ظل العلاقة الودية التي جمعت بازبي برئيس الليفر حينها الأسطورة "بيل شانكلي"، ولا سيما عقب حادثة ميونخ الصعبة، والتي ساند فيها نادي ليفربول اليونايتد لفترة من الوقت.

ولكن وسط الضغوط التي طالته، فشل تشيزنال في فرض نفسه دخل ملعب أنفيلد، ولعب ثمانية لقاءات فقط خلال ثلاثة أعوام، ثم ترك ليفربول صوب "ساوثإيند يونايتد"، وفي عام 1972 اعتزل ممارسة كرة القدم، ليتسلم وظيفته في مصنع بالقرب من حديقة ترافورد بمدينة مانشستر.

"الإخلاص في كرة القدم مجرد كلمة"

ووصف تشيزنال ما حدث له بعد هذا التحوّل غير المعتاد بـ"المتعة"، موضحًا أنه اكتسب شهرة كبيرة لم يكن يحلم بها، وكان فرحًا باهتمام جماهير الناديين به، ونشر الصحافة المستمر لاسمه، وحتى على حد وصفه في أصعب المواقف الحالكة التي كانت تقابله في الحانات أو الأماكن العامة، كان يستخلص الجزء الممتع منها، على الرغم من أنها كانت نادرة الحدوث.

كما أشار إلى أنه حصل على تميز لم يحظ به لاعب من قبله، حيث كان أول وآخر لاعب كرة قدم ينتقل بشكل مباشر بين الناديين، بعدما انقطعت المفاوضات بين المسئولين إلى وقتنا هذا.

ويحكي "فيل تشيزنال" عن تجربته في حوار للجارديان عام 2007 قال فيه "كنا نعتقد أن هناك توتر واحتقان كبير خلال الوقت الذي انتقلت به، ولكن هذا التوتر لا يُقارن بما يحدث في وقتنا الحالي، إذا انتقل لاعب من اليونايتد إلى ليفربول أو العكس، فسوف تأتي إليه الجماهير وتسأله لما فعلت هذا، كنت أسأل نفسي بانفعال هل سيأتي عامل مسح نوافذ ويخبرني بما أفعل في مهنتي، ولكن بعد ذلك رأيت أن كل هذا كان تميزًا بحد ذاته، ودورك كلاعب كرة أن تبقي فمك مغلقًا، وبعد انتقالي لم يتحدث معي الكثير حول قراري، ولكن لنتخيل أن حدث هذا الأمر حاليًا -يقصد ارتباط مدافع اليونايتد هاينزه بليفربول- فسيكون كالذي قرر دخول الجحيم بقدميه".

وتابع "في وقتنا كانت العلاقة بين اللاعبين أكثر ترابطًا، كنا أصدقاء وكنا نستمتع بوقتنا معًا، لم أشعر بأي اختلاف في المعاملة من أصدقائي في اليونايتد، الناس وقتها كانت أكثر لطفاً".

وتطرق لمفهومه عن الإخلاص لأي فريق في كرة القدم شارحًا "نحن كنا نوقع على عقود مع الفرق كعقود الزواج، يجب أن تخلص للنادي ما دام هنا عقد يربطك به، والزوجة كانت هي مديرة الأعمال، أما في العصر الحديث بات الإخلاص مجرد كلمة، وأي لاعب يقرر الهرب حين يتملكه الغضب"