قراءة "تحليلية" خاصة لمباراة الوداد الرياضي و حوريا كوناكري الغيني - البطولة
Elbotola Logo
قراءة "تحليلية" خاصة لمباراة الوداد الرياضي و حوريا كوناكري الغيني

قراءة "تحليلية" خاصة لمباراة الوداد الرياضي و حوريا كوناكري الغيني

كمال الرميدي ( البطولة )
12 أبريل 2019على الساعة12:48

0_0 خارج الديار ؟

تاريخيا نتيجة 0-0 خارج الديار في مباريات الذهاب لم تقلق طوال مشاركاته في المسابقات الإفريقية، فالفريق جرب هذا السيناريو 6 مرات منذ سنة 1991 و آخرها في نصف نهائي موسم التتويج باللقب الإفريقي سنة 2017، و استطاع التأهل بنسبة 100 في المئة.


لكن تبقى نتيجة 0-0 مقلقة لأي مدرب، لأنها تضع دائما في الحسبان أن الخصم يكفيه هدفا واحدا ليضعك في مأزق فحينها ستبحث عن هدفين، و من هنا نبدأ في طرح عدة أسئلة تكتيكية: "كيف سيلعب الخصم؟ هل سيحاول الضغط؟ أم الدفاع و من ثم الارتداد باحثا عن ضربات الترجيح أو الهدف القاتل؟"



من بين كل هذه الأسئلة يظهر لنا السؤال العظيم:" هل يجب أن أهتم بالخصم طالما أنا الأقوى؟" لأنه في الحقيقة، الأمر لا يتعلق بالخصم فقط، بل السر الأكبر يكمن في قدرتك على خنق الخصم في مناطقه و قتل المباراة منذ البداية بهدفين، كما فعل الأهلي الموسم الماضي عندما عاد من كوناركي في نفس الدور و بنفس النتيجة، إذ لم يترك فرصة لحوريا من أجل الإيمان بقدرته على التأهل و كان متقدما بهدفين لصفر منذ بداية الشوط الثاني وأنهاها 4-0، نعم قد يكون الفريق استفاد من الدرس، لكن الحقيقة الثابتة هي أن حوريا كوناكري مازال يبحث عن هدف في الملاعب الكبيرة، فهو يستقبل دون أن يسجل، هزيمة في مصر أمام النصر الليبي ب3-0، بنفس النتيجة انبطح أمام أورلاندو في جنوب إفريقيا ثم في تونس بهدفين لصفر، حتى و إن كان قد غير من أسلوب لعبه بين مباراة الترجي و أورلاندو، إلا أن كل الطرق أدت به إلى الهزيمة.


لكل ذهاب إياب...


هي عبارة تغير من فلسفة تعاملك مع المباراة، فمثلا إذا كنت منهزما في مباراة الدوري ب1-0، فمن الطبيعي أن يكون توجهك جنونيا نحو مرمى الخصم بحثا عن التعادل، لأنه ليس هناك فرق بين 1-0 و 2-0 طالما الأمر يتعلق بالثلاث النقاط، عكس مباريات خروج المغلوب فقد ترضى بنتيجة 0-0 أو 1-0 لأنك قد تعوضها في الإياب، فالأمر يكون أقل تعقيدا من المغامرة التي قد تؤدي ضريبتها فتهتز شباكك مرة ثانية.


دائما ما أسمع تصريحات البنزرتي على أنه لا يهتم بالخصم، و يريد تطبيق فلسفته و التي تعتمد على الضغط العالي و البحث عن الفوز فقط، لكن بمتابعتي لمباراة الذهاب فالرجل قد ألحد تكتيكيا هذه الأفكار، و استعان بعبارة لكل" ذهاب إياب، لن أهجم و لن أستحوذ، ما سأفعله هو منع الخصم من لعب كرة القدم."



حصل الرجل على ما أراد، فهو بحث أكثر عن 0-0، لكن ولأن التكتيك لا يرتبط دائما بالنتيجة فسنتعمق بشكل أدق بين الخطوط.


بين الضغط العالي، المتوسط و الدفاع المتأخر، فالبنزرتي اختار الحل الأوسط في ظل غياب جبران و عدم جاهزية الحداد، الوداد دخل بخطة 4-2-3-1، كانت تتحول بشكل كبير ل4-5-1، حاول من خلالها ترك الكرة لدفاع حوريا كوناكري من أجل إعطاءهم حلين فقط، يا إما الاستحواذ السلبي بين قلبي الدفاع و الحارس، أو لعب الكرات الطويلة في اتجاه خط الهجوم حيث كان البنزرتي قد خلق أفضلية عددية هناك بعزل الأجنحة عن المهاجم، فنصير و الناهيري كانت مهمتهم دفاعية بشكل أكبر عن طريق مراقبة "رجل لرجل" على مانديلا و بونيفاس، في حين بولاجي كان محاصرا من طرف داري و كومارا.


الوداد قدم 65 دقيقة مثالية تكتيكيا، فدور أوناجم و المترجي كان يرتكز بالأساس على منع الأظهرة من التقدم لوسط ملعب الوداد عن طريق الضغط أثناء الاستلام فكانوا يضطرون لإعادة الكرة للدفاع أو الحارس.


السعيدي، النقاش و الكرتي كانوا يضغطون بشكل فردي على وسط حوريا و خصوصا اللاعب كامارا "8"، الذي حرمه البنزرتي من أن يستلم الكرة لأنه يعتبر نقطة قوة الفريق الغيني في الربط، فيكفي أن نعلم أن الحارس ندياي لمس الكرة أكثر منه قبل الدقيقة 65 لكي نقيس حجم الصعوبات التي وجدها حوريا في الاستحواذ و محاولة التقدم.


من جانبه الوداد، لم يكن يطيل التفكير أثناء استرجاعه للكرات فسرعان ما كانوا يبحثون عن أوناجم و المترجي عن طريق السعيدي بكرات طويلة باحثين عن 1 ضد 1، فإن ضاعت يعودون بسرعة لتطبيق ضغطهم المتوسط و إجبار حوريا على ذلك الاستحواذ السلبي.


مشكلة الوداد بدأت مع مرور دقائق الشوط الثاني و بعد تحول المترجي لمكان باباتوندي الذي عوضه الحداد، فأصبح خط وسط الوداد متباعدا معه، لأنه كان يضغط بشكل عالي في الوقت الذي تراجع فيه بلوك الوداد بأمتار عديدة باحثين عن التركيز الدفاعي، فأصبح كامارا "8" يستلم الكرات لبناء الهجمات، ومحاولة اختراق دفاع الوداد، دون أن ننسى العامل البدني الذي شكل عائقا للوداد بحيث جعله غير قادر على إكمال ضغطه المتوسط، لكن البنزرتي تدارك الموقف بعد إدخال الحسوني في أخر دقائق اللقاء، جاعلا الفريق يربح بعض المساحات في الأمام و بالتالي أقاف زحف حوريا نحو مرمى التغناوتي.


الرسم التكتيكي للوداد و حوريا في الذهاب

بالإضافة لغياب لاعب خط الوسط وونكوي للإصابة و المدافع أسانطي للإيقاف، فالمدرب ديدييه غوميس فاجأ الجميع بإشراك نيكيما رقم 11 الذي يتميز بأدوار هجومية في وسط الميدان و الذي عوض مينساه، ثم الظهير رقم 13 كامارا مكان أبو مانجي"27" و قلب الدفاع ساماسيكو 5 بدلا من فوفانا رقم 3.


مهمة الفريق كانت المرور من الدفاع، الوسط و الهجوم بتمريرات عمودية سريعة و التمرير لمانديلا و هابا في أنصاف المساحات متوقعين أن الوداد سيضغط و سيكون من السهل ضربه بالمرتدات، لكن البنزرتي فاجأهم بأفكاره الجديدة التي أدت لإجبارهم على الاستحواذ السلبي و اللعب المباشر بحثا عن خط الهجوم دون اللجوء لخط الوسط.


عودة أسانطي و وونكوى

ستشهد مباراة الإياب عودة قلب الدفاع رقم 13 أسانطي و لاعب خط الوسط وونكي، هذا الأخير يعتبر لاعبا مهما لحوريا لتميزه باللامركزية فهو يلعب في جميع مراكز خط الوسط، وتحول في العديد من المرات لجناح، بينما أسانطي و الذي لعب جميع مباريات حوريا في دور المجموعات يعد نقطة ضعف كبيرة، لا يحسن التعامل تحت الضغط و يسهل سحبه من منطقته، فلذلك دور باباتوندي سيكون مهما في هذا الشق.

و من المتوقع أن يدخل ديدي غوميس بخطة 4-2-3-1، بثنائي ارتكاز كامارا و بافور، لكنها قد تتحول إلى 4-3-3 هجومية في حال ما اضطر الفريق للهجوم، كمباراة أورلاندو و الترجي.

يبقى السؤال المطروح : هل المهاجم بولاجي جاهز للمباراة علما أنه لعب فقط 45 دقيقة في لقاء الذهاب؟ الأمر الذي جعل ديدي غوميس يدخل الشوط الثاني ببونيفاس كمهاجم وهمي، و إقحام رزاق في مركز الجناح الأيمن، فهذا الأخير يشبه كثيرا الجناح الأيسر مانديلا، قصير القامة، بالإضافة أنه يجيد الاختراق و البحث عن وضعية "1ضد1".


الحسوني، النقاش، أم السعيدي؟ 

مع عودة يحيى جبران و الذي من المتوقع أن يكون أساسيا مع الكرتي في خط الوسط، فالبنزرتي يملك 3 خيارات حسب رغبته التكتيكية، خصوصا و أن أدوار السعيدي، النقاش و الحسوني تختلف من لاعب لأخر، فمثلا إذا أراد البنزرتي الضغط بشكل أكبر و البحث عن العمق، سيشرك الحسوني من أجل خنق دفاع حوريا، أما في حال فكر المدرب التونسي في ظهر الناهيري و الذي يكون قابلا للأكل أثناء مساندته في الأدوار الهجومية فمع غياب النقاش ستكون مرتدات حوريا وراء الناهيري نقطة ضعف الوداد الأكبر، ثم أن دور جبران يختلف نوعا ما أثناء تواجد النقاش، فهو يتقدم بشكل أكبر ليكون في نفس الخط مع الكرتي في خطة 4-1-4-1، أما في حال حدوث العكس فهو يكون أمام الدفاع و وراء السعيدي/الحسوني و الكرتي.


أخبار ذات صلة