
.
رأي شخصي | آزارو ومعين الشعباني.. أسد ونعامة
حالة من الهرج والمرج شهدتها منابر عدة في الإعلاميين المصري والتونسي والآخير على وجه التحديد، وكذا مواقع التواصل الإجتماعي سواء في تونس أو في مصر، منذ انتهاء مباراة النادي الأهلي المصري والترجي الرياضي التونسي بفوز الأول بثلاثة أهداف مقابل هدف، في ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا.
فـ على الرغم من الأداء الهزيل والضعيف لممثل تونس في النهائي، ورغم أن محللاً واحداً من أي جنسية عربية في القناة الناقلة للمباراة أو في أي برنامج تحليلي عربي، لم يُبد أي تعاطف فني مع الترجي في المباراة، لكون الآخير لم يُقدم ما يشفع له على أرضية الميدان مما عُرف وعرفناه عنه وما يليق بقيمته الفنية وتاريخه الكبير في حدث كهذا، إلا أن ذلك على ما يبدو كان سبباً رئيسياً لما لم يعد خافياً على أحد من أحداثت تلت المباراة إعلامياً و"فيسبوكياً".
فـ مسؤولو الترجي بدءاً من مدربهم معين الشعباني وإدارة فريق الكرة ممثلة في رياض بن نور فضلاً عن إدارة النادي وحتى الجامعة التونسية التي تخلت عن حيادها ونصبت نفسها مُحاميةً عن الترجي، في موقف غريب على الاتحادات الكروية في جُل بلدان العالم، فضلوا جميعهم دفن رؤوسهم في الرمال كـ النعام، وتوجيه الرأي العام التونسي والجماهير التونسية نحو كواليس فرعية للإلهاء عن خيبتهم في الإسكندرية التي جرت على مرأى ومسمع من القارة السمراء بآسرها.
فـ الشعباني الذي ظهر فريقه عاجزاً وغير قادر على القيام بهجمة وحيدة منظمة على مرمى الأهلي، نسب خيبته الفنية في قيادة فريقه في المباراة إلى الحكم الجزائري مهدي عبيد، ليسير على دربه رياض بن نور، الذي أرجع خسارة الفريق هو الآخر إلى التأخر في حافلة الفريق لمدة 25 دقيقة، قبل أن تختار الجامعة التونسية بقيمتها وعراقتها الوقوف ضد لاعب واحد فقط، وهو وليد آزارو، والمطالبة بإيقافه.
والحقيقة أن جميعهم أذنبوا في حق جماهيرهم، جماهير الترجي، قبل أنفسهم، وشوهوا صورهم بأسوأ تشويه ممكن أمام الرأي العام في القارة السمراء كلها، فالشعباني الذي حاول حماية نفسه ومنصبه مُسبقاً وتفادي ردة فعل الجماهير في حال خسارة الكأس، لم يُبرر حتى الآن أسباب ظهور الترجي بهذ المستوى الضعيف في مباراتين متتاليتين أمام أول أوجستس الانجولي والأهلي المصري، ولخص 180 دقيقة من السوء في ركلة جزاء على وليد آزارو.
وبن نور الذي عاش من الخبرات الإفريقية ما يكفي نزل بمستواه وقيمته للدرجة التي جعلته يُرجع أسباب خسارة فريقه بأداء فاضح إلى تأخر 25 دقيقة في حافلة الفريق بسبب رغبة الأمن في تفتيش الحافلة، وخُيل لنفسه أنه أذكى خلق الله في الأرض وهو يظن أن أحداً لا يعلم أن لاعبي الترجي كانوا ينوون تهريب الألعاب النارية إلى الجماهير، قبل اكتشاف الأمن المصري لهذه المهزلة.
أما الجامعة التونسية التي كغيرها من الجامعات في كل البلدان الخاضعة للواء الفيفا، كان يُفترض أن تتحلى بنوع من الحيادية لـ كونها مسؤولة عن جُل فرق تونس، انساقت وراء أسباب واهية لمسؤولي الترجي كما لم تفعل من قبل مع أي ناد تونسي آخر تعرض لأي ظلم من أي نوع، وألقت بنفسها في بئر العار واللا مسؤولية.
ولو أن الشعباني وبن نور وإدارة الترجي ومن تحالفوا معهم يرون أن ركلة جزاء آزارو الأولى أو الثانية أو كلاهما السبب الوحيد لخسارة الترجي، فالإعادات المتلفزة ردت عليهم جميعاً، حين بيّنت كيف كان المعز بن شريفية مُلتحماً بشكل واضح مع آزارو في اللعبة الأولى، وكيف أن لاعب الترجي شمس الدين الذوادي كان الباديء في الاعتداء على آزارو في الركلة الثانية قبل أن يرد آزارو الاعتداء بالاعتداء، وكيف بالطبيعة أن تمزيق آزارو لقميصه أثناء توقف اللاعب لم يكن له أي تأثير من أي نوع على قرار حكم اللقاء الذي عاد من مشاهد اللقطة في تقنية "VAR" مُتخذاً لقراره في الأساس.
وإذا كان آزارو قد خدع الحكم فعلاً كما يدعون، فهم يعترفون إذاً أن الحكم قد تعرض للخداع وهو ما يدحض إتهاماتهم له بالانحياز.. وهل سيكون آزارو أفضل من مارادونا الذي خدع حكماً تونسياً، وهو القدير علي بن ناصر، وجلب بيديه اللقب الوحيد للأرجنتين في تاريخ نهائيات كأس العالم، وهي الواقعة التي لم يُجرّم فيها لا مارادونا ولا بن ناصر ولم تقم القيامة التي قامت بعد خسارة الترجي، رغم أن الكارثة كانت أشد وأكثر فظاعة.
ولو لجأ آزارو فعلاً إلى تمزيق قميصه من أجل فريقه، فهو بالتأكيد أكثر تضحية وقتالية وجرأة من الشعباني ورفاقه الذين اختاروا تمزيق فريقهم وتوجيه جماهيرهم ولاعبيهم نحو أشياء آخرى خارج الملعب، ليُزيدوا من موقفهم صعوبة قبل إياب رادس، ويُخرجوا الكرة والجماهير واللاعبين من ملعبهم، رغم أن المباراة ستُلعب فقط في الملعب، حتى لو أحدثوا زلزالاً قياسياً في تونس خارج حدود الميدان يوم الجمعة.