حرب بوجبا ومورينيو، من الظالم ومن المظلوم؟!
بات من الصعب حاليًا أن تفتح صحيفة رياضية أو حتى غير رياضية ولا تجدها تتحدث هذه الأيام عن احتمالية مغادرة متوسط الميدان الفرنسي "بول بوجبا" لناديه الحالي مانشستر يونايتد، سواء عبر اجتهادات صحفية شريفة وصادقة، أو عبر أخبار صفراء الغرض منها أمور أخرى لا تمت للنزاهة بأي صلة.
بدأت القصة كأي علاقة زواج في عصرنا الحديث، عرفت السعادة والنعيم لعامين متواصلين، تبادل فيها كل طرف التصريحات الودودة في حق الآخر، بطل العالم وصف مدربه بالرجل الاستثنائي لقبًا وصفة، والأخير نعت لاعبه بأنه أفضل متوسطي ميدان العالم من حيث الموهبة.
وسرعان ما انقضت فترة العسل خلال هذا الزواج الذي كنا نعتقده كاثوليكيًا، لينقلب الزوج على الزوجة أو العكس، وتبدأ شائعات و بذرة الانفصال تطارد تلك العلاقة، ولكن يا ترى من يتحمل المسئولية؟ ومن كان وراء تدهور الوضع إلى هذا الحد؟
خلال التقرير سوف نستعرض معكم بداية المشكلة والأزمة، مرورًا بكل التصريحات والأحداث التي تعاقبت منذ بداية عام 2018، الذي عرف توتر كبير في علاقة مورينيو بالفرنسي بول بوجبا.
يناير 2018
بعد عام ونص من التصريحات التي دافع فيها عن صفقته التي أثارت كل الجدل، ها هو مورينيو يبدأ في تعريض لاعبه لهجوم شرس من قبل الصحفيين بإزالة أهم ساتر آمني، وهو حماية البرتغالي الشخصية، حين أخرجه من الملعب بعد ساعة من اللعب ضد توتنهام في المباراة التي خسرها اليونايتد بهدفين، وكأنه يقول لكل صحفي كان لديك كل الحق في انتقاد المبلغ الكبير الذي دفع في هذا اللاعب.
وقتها أثار الفرنسي الكثير من الجدل حين دخل في نقاش رفقة مدربه لمدة طويلة على خطوط الملعب، وكأنه يعاتبه على شيء ما، ثم قام المدرب بعدها بإخراجه من المباراة، ومن وقتها لم يبدأ بوجبا سوى ثلاث مباريات من أصل تسعة لقاءات متتالية لليونايتد.
فبراير 2018
سئل مورينيو عن إجلاسه المتواصل لبوجبا على مقاعد البدلاء وأجاب حينها قائلاً "قمت بتبديل بعض اللاعبين، ليست النية في ذلك العقاب، فإذا كان هناك أي فرصة لعقاب لاعب، فلابد أن أتعرض أنا أيضًا للعقوبة، نحن فريق واحد نربح سويًا ونخسر سويًا، بول لاعب رائع، وبالنسبة لي من أهم المواهب على مستوى العالم، وإجلاسه على مقاعد البدلاء ليست نهاية العالم".
مارس 2018
بعد الانتصار الذي حققه اليونايتد على ليفربول، كانت هناك مقابلة صحفية لمورينيو بعد المباراة، ثم قام بوجبا بمقاطعة تلك المقابلة على الهواء، حينها ضحك البرتغالي ولم يظهر أي ملامح للامتعاض، ولكن خلف الكاميرات اعترض الرجل الاستثنائي بشدة على فعلة بوجبا، وطلب منه عدم القيام بمثل تلك الأمور معه مجددًا، مما خلّف بعض الرواسب داخل روح بوجبا التي تحب الدعابة والاستمتاع بكل شيء في الحياة.
بعد تلك الفعلة من بوجبا، انتشرت أنباءً شبه مؤكدة بأن الثنائي لا يتبادل الحديث مع بعضه البعض، اللاعب يرفض الدخول في نقاش مع المدرب، وكذلك المدرب لا يظهر أي اهتمام باللاعب.
أبريل 2018
الحديث عن مستقبل بوجبا بدأ مبكرًا، ولكن مورينيو ظهر مستاءً من الصحفيين لتكرار سؤاله عن وضع الفرنسي، ورد قائلاً "يمكنكم توجيه الأسئلة له، فحين تتاح لكم الفرصة اعرفوا منه فيما يفكر!".
أجواء ديربي مانشستر كانت ملتهبة، وأشعلها جوارديولا حين خرج قبل المباراة وأشار إلى أن "مينو رايولا" عرض عليه التعاقد مع بوجبا، ولكن الإسباني رفض، ثم خرج الوكيل الإيطالي لتكذيب هذه القصة أمام الصحفيين، ونتيجة لذلك تفاعل مورينيو مع التصريحات وقال كلمته الشهيرة "لقد سمعنا من الشخصين، ويبدو أن هناك شخص ما يقول الحقيقة وآخر يكذب، وفي الواقع لا يهمني أن أعرف من الصادق ومن الكاذب بينهما، غير مهم على الإطلاق".
بعدها تألق بوجبا خلال المباراة واستطاع تسجيل هدفين والعودة باليونايتد وتحقيق انتصارًا مهمًا على ملعب الاتحاد ليسكت كل المنتقدين وبما فيهم مدرب الغريم "بيب جوارديولا".
مايو 2018
حان الموعد مع انتشار أنباء رحيل بوجبا عن اليونايتد، ورغبته في التخلص من مورينيو، ولكن الطرفان حاولا تهدئة الوضع بتصريحات حميمية حيث قال مورينيو "أنا أستطيع منحكم تأكيدات أنني لا أريده أن يرحل، وأستطيع التأكيد على أن النادي أيضًا لا يريد بيعه، والأمر المؤكد الثالث هو أنه لم يصلنا أي عرض من أي فريق لضمه".
بينما بوجبا صرح قائلاً "لقد شاهدتم صورًا تظهر أن هناك ثمة حديث دار بيننا، هذا أمر طبيعي، فيمكن لأي لاعب الاختلاف في الرأي مع المدرب، في بعض الأوقات أرى أشياءً لا يراها، وفي البعض الآخر يرى هو أمورًا أجهلها، ولكن هذا لا يعني أي شيء محبط أو سلبي".
يونيو 2018
وأخيرًا اعترف بوجبا بوجود خلاف مع مورينيو، وهذا حين قال "نستطيع القول بأنه كان هناك خلاف مع مورينيو، ولكن الآن ليس هناك أي شيء من هذا القبيل، هذه الأمور تساعدك على النضج، فأنا لاعب لا يمتلك الكثير من الخبرة، والجلوس على مقاعد البدلاء كان أمرًا غير اعتياديًا بالنسبة لي".
ثم أضاف "هذه الأفكار يرجع فيها القرار كله للمدرب، فهذا هو عمله، وعليّ أن أقبل هذا الأمر، وكما أقول دائمًا الرد لا يجب أن يأتي سوى في الملعب".
يوليو 2018
توّج بوجبا بكأس العالم رفقة المنتخب الفرنسي، وبات يمتلك سلاحًا قويًا في صراعه مع المو، الذي صرح بشأن مستوى لاعبه في مونديال روسيا قائلاً "على بوجبا نفسه التفكير وتفهم لماذا كان جيدًا خلال البطولة، هذه هي النقطة الأهم بالنسبة لتقييم أداء بوجبا، أن عليه معرفة السبب وراء كونه كان في غاية الجودة خاصة خلال النصف الثاني من البطولة".
أغسطس 2018
اتفقت وسائل الإعلام فيما بينها على شيء واحد فقط، وهو أن صاحب الـ25 عامًا لم يعجبه تفاعل مورينيو مع تتويجه بالمونديال، ولم تجد تصريحات الرجل الاستثنائي أي قبول لدى اليافع الفرنسي، ولكن في النهاية لم يدفعه كل ما حدث للرحيل عن المان يونايتد، ولا سميا في ظل رغبة رايولا في اللعب على بطاقة برشلونة التي كانت ترغب بشدة في جلب بوجبا.
مع أول مباراة في الموسم، بدأ الفرنسي في تأجيج النار مجددًا بينه وبين مورينيو، فبعد التألق ضد ليستر سيتي خرج بوجبا مصرحًا للصحفين وقال "عندما يتم اختيارك للعب وأنت سعيدًا كلاعب تكون أكثر راحة، من الوقت الذي تلعب به وأنت غير سعيد، هناك أمور يمكن الحديث عنها، وهناك أمور أخرى لا يمكن ذكرها وإلا تعرضت للغرامة".
ثم اكتشف مورينيو أن عليه السيطرة على الوضع في ظل انتهاء سوق الانتقالات بإنجلترا واستمراره في باقي الدول، لذلك امتدح بوجبا في أكثر من تصريح، وخرج ليؤكد أنه لاعب محترف لأبعد الحدود ولم يدخل معه في أي عراك كما أشيع، كما أن العلاقة بينهما طيبة وعلى ما يرام.
جاء الموعد مع المباراة الثانية ضد برايتون، والتي تعرض فيها اليونايتد لهزيمة مذلة، خرج بعدها بوجبا لانتقاد أداء الفريق حين قال "نحن لم نكن نستحق الانتصار في المباراة، برايتون أظهر رغبة أكبر منّا في الفوز، وقبل أي شخص أضع نفسي في المقدمة، هذا ليس الأداء الذي يجب أن نظهر عليه أبدًا".
رفض مورينيو بعدها التعليق على انتقاد بوجبا لأداء اليونايتد، وعاد وطلب من الصحفيين التحدث مع اللاعب حول رأيه.
سبتمبر 2018
بدأ بوجبا يكثر في حديثه، وها هو يصرح أثناء تواجده رفقة منتخب بلاده لخوض فترة التوقف الدولي قائلاً "كان هناك الكثير من الحديث، ولكني مرتبط بعقد مع اليونايتد، أنا ألعب معهم في هذه اللحظة، ولكن من يعرف ما سيحدث خلال الأشهر القليلة القادمة".
ثم تابع "شيء واحد أستطيع تأكيده، وهو أنني أقدم دائمًا نسبة 100% من مجهودي لليونايتد بغض النظر عن اسم المدرب الذي أتعامل معه".