من مباراة كرواتيا وإنجلترا في نصف نهائي كأس العالم 2018
مونديال روسيا .. الإثارة حاضرة لكن الفرجة غائبة
اقترب مونديال روسيا من نهايته، وأسماء الفريقين المنافسين على الكأس الذهبية خالفت كل التوقعات، فحتى وإن كان الكثيرون راهنوا على "ديوك" فرنسا، إلا أن أعداد قليلة فقط توقعت صعود كرواتيا التاريخي إلى نهائي موسكو.
وقبل إسدال الستار رسميا على هذا العرس الكروي مساء الأحد (15 يوليو/ تموز)، هناك العشرات من الأسئلة التي تطرح وستطرح في إطار محاولات رصد مميزات وسلبيات مونديال 2018.
ويبدو أنه وقبل التاريخ المذكور يسود الآن إجماع بين المراقبين على أن نسخة روسيا افتقدت للعب الجميل وسيطر عليها اللعب الفعّال.
المقصود هنا افتقار النسخة الحالية للملكات السحرية في عالم المستديرة، لأننا لم نشهد هذا الصيف اللمسات الفردية الساحرة في منطقة الجزاء إلا في استثناءات قليلة، بل شاهدنا إقصاء أسماء مثل ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو ونيمار دا سيلفا وتوني كروس في أدوار مبكرة عمّا كان متوقعا.
في المقابل كانت هناك سيطرة لخطوط الدفاع أو ما كان يعرف في السابق بـ"الكرة الإيطالية".
ويقول دانييل ميميرت، مدير مركز علوم التدريب والرياضة التابع للمعهد العالي لشؤون الرياضة في مدينة كولونيا الألمانية: "لاحظنا كيف أن الفرق، التي تسمى بالفرق الصغيرة، طورت دفاعها بشكل لافت، ونجحت في سد الفراغات أمام الفرق المنافسة".
ويضيف: "باستثناء عدد قليل من المباريات، كان الشعار السائد تراجع اللاعبين للصفوف الخلفية والحفاظ على شباك خالية من الأهداف".
القليل من الأبداع
والنتيجة أن عشرات المباريات نالت استحسان عشاق التكتيك الكروي، لكن محبي الكرة الجميلة ظلوا متعطشين للمزيد من العروض الفنية دون جدوى؛ بل إن نصف النهائي لم يشهد كرة جميلة.
ولعلّ النتيجة الطبيعية لذلك، أن أكثر من 40 % من الأهداف سجلت من ضربات جزاء أو ضربات حرة أو ركنية، أي أنها لم تسجل نتيجة هجمات محكمة.
وعلى سبيل المثال، منتخب "الأسود الثلاث" وحده، الذي انهزم في نصف النهائي أمام الكروات، أحرز تسعة أهداف من بين 12 من ضربات كهذه، كذلك "الديوك" أزاحوا "الشياطين الحمر" من ركنية، عبر هدف للمدافع صامويل أومتيتي.
وللمقارنة فإن نسبة الأهداف المسجلة بهذه الطريقة لم تتجاوز قبل أربع سنوات في مونديال البرازيل 26 %.
وبهذا يكون دور الهجمات المرتدة السريعة قد بلغ نهايته، وهذا يسري أيضا على فن تيكي تاكا، ذلك الفن الذي أبدع فيه الإسبان واستورده الألمان والأرجنتينيون، باعتبار أنه قمة الإتقان في عالم المستديرة، لكننا اليوم شاهدنا خروج أكثر المنتخبات سيطرة على الكرة، وأولها ألمانيا من الدور الأول، ثم إسبانيا والأرجنتين.
اللعب المتقلب
ويقول الخبير دانييل ميميرت، إن القاسم المشترك بين جميع المنتخبات اليوم هو القدرات الدفاعية المحكمة، فما هي إذا إمكانيات النجاح؟
بالنسبة للبروفيسور الألماني، فإن التحدي القادم هو إتقان "أسلوب اللعب المتقلب"، ويشرح فكرته كالتالي: "من يريد الفوز عليه أن يتدرب على أسلوب اللعب المتقلب، بحيث يتم الانتقال من طريقة لعب إلى أخرى مع إدخال أفكار جديدة كل مرة وفي المباراة الواحدة، وهذا سيخلق مشاكل كبيرة أمام المنافس لاستيعاب طريقة لعب الآخر، هذه هي أشكال الإبداع القادمة".
غير أن أسلوب اللعب هذا سيجعل الفرق والمنتخبات أكثر حاجة إلى أجيال جديدة من لاعبين خارقين أمثال ميسي ورونالدو.