بيرهوف: كان علينا استبعاد أوزيل من المونديال
حين كانت الاستعدادات لمونديال روسيا، تجري في أروقة الاتحاد الألماني لكرة القدم على قدم وساق، لم يكن ا أحد من مسؤولي الطاقم التدريبي والإداري للمانشافت يريد الخوض في قضية اللاعبين مسعود أزويل وإلكاي غوندوغان التي كانت حينها في صلب اهتمام الشراع الكروي والسياسي على حد سواء.
والمقصود هنا اللقاء الذي جمع بين لاعب أرسنال أوزيل ولاعب مانشستر سيتي غوندوغان بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العاصمة لندن، بداية شهر مايو/ أيار الماضي، أي في ذروة الحملة الانتخابية للرئاسيات التركية.
وتعرض اللاعبان كما هو معلوم لانتقادات حادة من قبل الرأي العام الألماني وحتى من ممثلي الأحزاب الديمقراطية، فيما استغلت الساحة الشعبوية داخل ألمانيا القضية كحطب إضافي لإذكاء نار الكراهية ضد المهاجرين واللاجئين. كل هذا الجدل رافق بالطبع المشوار الكروي المخيب للمانشافت في المونديال.
اليوم بعد أسابيع من الخروج التاريخي المهين لحامل اللقب من دور المجموعات وذلك لأول مرة منذ 1938، يخرج أول مسؤول في الاتحاد الألماني عن صمته عما بات يعرف محلياً بـ "قضية أردوغان". ويتعلق الأمر بأوليفر بيرهوف مدير الكرة، الذي حمّل في تصريحات لـ"دي فيلت" الألمانية وبكل وضوح مسعود أوزيل جانباً كبيراً من المسؤولية على الخسارة الكروية.
"لم نجبر لاعبي المنتخب يوماً على القيام بخطوة ما، وإنما كنا نحاول دائماً إقناعهم بفكرة معينة. وهذا هو ما أخفقنا فيه مع مسعود أوزيل"، يقول بيرهوف، مضيفاً: "كان علينا التفكير في الاستغناء عن أوزيل كروياً".
هذه التصريحات التي أعلن عنها يوم أمس الخميس (الخميس من يوليوز/ تموز 2018)، صدمت الكثيرين، لأنه وفي أول حوار إعلامي يقدمه مدير الكرة بالاتحاد بعد تجربة روسيا، أساء فيها الأخير إلى روح الفريق وتلاحمه، وكأن الاتحاد بات يبحث عن كبش فداء لوضعه الحالي.
وليست هذه النقطة الوحيدة التي أشارت إليها المواقع المتخصصة فحسب، وإنما وحسب موقع "شبيغل أولاين" في تقرير نشر صباح الجمعة، ضرب الاتحاد الألماني "مرة أخرى" في مصداقيته. فكاتب التقرير بيتر آرينس يقول إنه كان الجميع سيتفهم موقف الاتحاد لو أنه دخل على الخط إبان ظهور الأزمة وأعلن بكل وضوح تخليه عن اللاعبين لأنهما شاركا في حملة دعائية لرئيس اعتقل مئات من الصحفيين والمعارضين، لكون المشاركة في حملة انتخابية لديكتاتور باتت أمراً يتعارض مع مبادئ الاتحاد والقيم الأخلاقية التي يدافع عنها.
في المقابل، يضيف كاتب التعليق أن الاتحاد وإلى غاية اللحظة حاول "وأد القضية" وكأنها لم تكن حاضرة على الإطلاق.
الانتقاد الثالث الذي وجه إلى بيرهوف والأهم، هو قيام الأخير بصب مزيد من الزيت على نار الخطاب الشعبوي الذي رافق هذا الجدل. فكثيراً ما تردد في هذا الخطاب بأن أوزيل وغوندوغان ليسا من "الألمان الحقيقيين"، بـ"دليل" أن أوزيل "لايردد النشيد الوطني"، كما أُثير ذلك منذ مونديال البرازيل 2014.
وما يدعم هذا الطرح أن الاتحاد الألماني لم يتخذ موقفاً حازماً للدفاع عن أوزيل لرفض الخطاب العنصري الذي أثير ضده، لأن مكافحة العنصرية هي أيضاً من الأسس الأخلاقية للاتحاد الألماني، خاصة أن أوزيل عكس غوندوغان التزم الصمت ولم يخرج إلى أي من وسائل الإعلام، تاركاً الجدل يأخذ الديناميكية التي أخذها.
ويتساءل العديد من المعلقين عن دوافع هذه التصريحات، هل لأن أوزيل قرر سلفاً اعتزال اللعب الدولي ولهذا أراد الاتحاد "تهدئة" الخواطر الشعبية؟ أم أنها بالأحرى خطوة لإجبار أوزيل على الاعتزال وتحميله المسؤولية كبداية لعملية "تقييم صارمة"، وعد بها المدرب لوف وطاقمه لتحليل أسباب الإخفاق الكارثي ؟!