وجهة نظر: "السّحر يوشِك على الانتهاء فَلنكُفّ عن التّساؤلات ولنستمتِع..!" - El botola - البطولة

وجهة نظر: "السّحر يوشِك على الانتهاء فَلنكُفّ عن التّساؤلات ولنستمتِع..!"

02 يوليوز 2018على الساعة14:31

محمد زايد (البطولة) _ عدسة: عز العرب نايبط (موسكو-روسيا)


و أين تُحصّل المُتعة والتشويق إن كان النّصر حليف المُعتادين عليه دائما؟

ما الجدوى من المتابعة والاهتمام إن عُرف الفائز وسُمّي الخاسر قبل النزال؟

أَ خُصّص النّصر للكِبار فقط؟

هل تُلزم كرة القدم بإمتاعنا وأين تتجلى مُتعتها فعلا؟


هذه المُتعة مُطلقة مُوحدة بين الشغوفين بها عبر المعمور، أم أنها نسبية تختلف من فرد لآخر؟

و هل يتوج بالألقاب الأغنى مهارة أم الأوفر حظا أم الأحصن دِفاعا أم حتى الأكثر تمريرا أو الأكثر هجوما والأجمع نجوما؟

والسؤال الأكبر الأهم: لماذا نُتابع كرة القدم؟ هل للتسلية أم للجد؟ وماذا ننتظر من خلالها؟ و ما مدى ارتباط كل فرد منا بها..؟


الكُرة قد تُمثل لكَ حبيبة مخلصة ولمن يقف بجانبك بائعة هوى، يستغل لذتها كلما أحس بالملل وافتقد المتعة مِثالا وليس حصرا.

كرة القدم ليست عِلما مُطلقا ولا كتابا مقروءا، كرة القدم قدرٌ تتستعد له وتُخمنه وتتوقعه لكن لا تراه قبل حدوثه حتى لو كان الطّرفان عدمٌ وكليةٌ.


كرة القدم مُوحدة الشعوب ورافعة للأمّة بين الأُمم، وسيلة للتذكير بالهوية عند الجاهل بها، محافلها أعراس يَعرض فيها كل ضيف زينته وأناقته وشخصيته، قد يرفعك الناظرون من باقي المدعوّين والخارج من المتفرجين مقاماتٍ أُخَر، و قد ينزل هذا المقام درجات عندهم لو لم يُحسن الاستغلال.


كرة القدم للشغوف بها أسلوب حياة، ليست عقيدة ولا حِزبا ولا دولة بل عالماً ذاتياً ينعم بالعيش فيه من كان وفيا له، يُعطى من هباته وخيراته على قد تعلقه وارتباطه، ويصبر على أذاه على قدر هذا الارتباط.


كرة القدم تحمل تشويقا ومتعة، لا يَعيها ويشعر بها من أحبها حبّا سطحيا، بل من حقق في تفاصيلها وهمته حتى التافهة منها عند العامة، من لا ينتظر هدفا يدخل هذا المرمى أو ذاك لتغمره السعادة باختلاف درجاتها، بل من تختلط مشاعره و تتبعثر قبل المباريات بوقت طويل وحتى بعدها، أما أثناء المواجهات فالتفاصيل التي تبدو للعامة مملة، تصبح لدى هذا المهووس إحدى مسببات الغبطة والتأثر، سواء بدمعة أو قُبلة أو حتى عبارة سمعها من المعلق أو مقطع من أهازيج الأنصار وغيرهم.


إن تشويق كرة القدم لا يشبه تشويق الروايات والقصص، تطّلع على النهايات في الصفحة الأخيرة كلما نفذ صبرك، وميزانها ليس عادلا كما يطمح البعض، تمنح الفرحة للأكبر أو الأقوى أو الأجدر أو حتى الأمهر، بل تخرق منطقك بين حين وآخر، حتى أنّ فُرجتها لا تكمن في التمريرات القصيرة و في المراوغات الوفيرة و الأهداف الكثيرة، بل قد تكمن هذه الفرجة في التحام أو اصطدام أو التكتيك المُطبق بالتزام و هنا سِرّ سِحرها الغريب، الذي نثرت منه في سماء موسكو القليل، وكان ما عاينتم وقد تُعاينون، فلا تستغربوا وانتظروا و استمتعوا، فالسّحر يُوشِك على الانتهاء..


للتواصل مع الكاتب: m.zaid@elbotola.com

طاغات متعلقة