مقال رأي/ "أعيدوا لنا ديربينا" - Elbotola - البطولة

الرجاء والوداد

مقال رأي/ "أعيدوا لنا ديربينا"

عبدالغفور ضرار (البطولة)
21 نونبر 2024على الساعة13:41

في كل مرة يقترب موعد ""، يحمل في طياته ذكريات لا تُنسى، معركة رياضية تجسد كل ما هو عظيم في كرة القدم المغربية. لكن هذا العام، يقترب اللقاء بين ، وبينما كان من المفترض أن يكون العرس الكروي الأكثر ترقبًا في المغرب، يحل بدون شغف. لا جمهورا في المدرجات، ولا صخبا يعكر صمت المدينة. "الديربي"، الذي كان يوما ما الساحة التي تتجسد فيها روح البطولة، فقد جزءاً كبيراً من وهجه، وتلاشت معه أهم عناصره الجماهير، الصرخات، الفرح، والحزن.

أعيدوا لنا "ديربي البيضاء"، ليس فقط كحدث رياضي، بل كقصة شغف تتنقل من شوارع "كازا" إلى المدرجات، من الأزقة التي تعج بالألوان، إلى ملعب محمد الخامس الذي كان دوماً شاهداً على لحظات تاريخية. أكان هذا هو "الديربي" الذي اعتدنا عليه؟ ذلك الذي كان يشعل شوارع المدينة بألوان الفريقين الأخضر والأحمر، ويخلق أجواءً من الفرح المشوب بالتوتر في نفس الوقت؟ كان الجميع يعيش المباراة قبل أن تبدأ. كان الكل يرتدي قميص فريقه، وكان الحديث الوحيد في المقاهي والشوارع هو عن التشكيلة، عن التكتيك، عن الفرص الضائعة والمهدرة. أما الآن، فنحاول أن نبحث عن ذكرياتنا في زمنٍ فقد فيه الديربي طعمه.

لكن الأسئلة تظل معلقة في الهواء، أعيدوا لنا ديربينا، لكن كيف يمكن إعادته إلى ما كان عليه؟ كيف يمكن إرجاع ذلك الزمن الذي كان فيه الديربي مناسبة فريدة، يتعطش الجميع لرؤيتها على أرض الواقع، وليس فقط على شاشات التلفاز؟ كيف نعيد الزمان الذي كانت فيه المدرجات تتحول إلى لوحة فنية ضخمة، لا تكمل جمالها إلا حركة الجمهور الذي كان يملأها بألوانه وأهازيجه؟

تغيرت الأزمنة، وتغيرت معها التفاصيل الصغيرة. تغيّر الرؤساء، وتغير اللاعبون، وأصبح "الديربي" شئنا أم أبينا مجرد مباراة عادية، تتكرر مثل باقي المباريات. تغيرت المفاهيم، وأصبح الشغف الذي كان يملأ النفوس يتراجع خلف الأرقام والإحصائيات.

أعيدوا لنا ديربينا، الديربي الذي كان رمزا للقوة، للتنافس الشريف، وللعزيمة التي لا تعرف المستحيل.

في كل زاوية من ملعب "دونور"، كانت تقبع ذكريات طفولتنا وشبابنا. كانت الساحات المحيطة بالملعب تمتلئ بالعائلات، والأطفال، والمشجعين الذين يتنقلون بين "الدرب"، و"مول الطون"، و"الطوبيس"، ليصلوا في النهاية إلى هذا الصرح الرياضي الذي يمثل قلب المدينة. تلك اللحظات التي كان الديربي فيها جزءًا لا يتجزأ من هويتنا البيضاوية، والمكان الذي نحتفل فيه بحبنا اللا متناهي لكرة القدم. فهل يمكن أن يعود كل هذا؟ وهل يمكن أن نعود إلى تلك الأجواء التي كانت تجعلنا نعيش المباراة بكل حواسنا؟

أعيدوا لنا إرثنا الكروي البيضاوي الذي بدأ يندثر بمرور الوقت، وأصبح شبحًا يحوم في أذهاننا كما لو كان مجرد حكاية من حكايات الزمان البعيد. هل سنظل نتحدث عن "الديربي" كما تتحدث الجدات عن أيام الشباب؟ هل ستصبح هذه المباريات مجرد أساطير يحكيها الناس لأطفالهم؟

المغرب على أبواب استضافة كأس أمم أفريقيا 2025 و كأس العالم 2030، ولكن هل سنتمكن من التميز في هذه المحافل العالمية إذا استمر الوضع كما هو عليه؟ هل سيمكننا أن نثبت للعالم أننا دولة رياضية عظمى بينما يُحرم جمهورنا من مشاهدة ديربياته المميزة في الملاعب؟ إنها دعوة صادقة للمسؤولين، لأجل أن يعيدوا لنا ما فقدناه من شغف، وألا يدعونا نعيش على الذكريات فقط، بل أن نعيش الواقع بألوانه الزاهية وحماسه الكبير.

إن الديربي ليس مجرد مباراة، إنه تاريخ، وهوية، وهو الشغف الذي لا يفنى. إنه اللحظة التي تشعر فيها أنك تنتمي لشيء أكبر منك. فلنقف جميعًا، مشجعين ومسؤولين، على حد سواء، لنبعث الروح في ديربينا مرة أخرى، لأننا بحاجة إليها أكثر من أي وقت مضى.

أعيدوا لنا ديربينا، لأننا في النهاية لسنا مجرد مشجعين، نحن جزء من هذه القصة. قصة مدينة، وقصة شغف، وقصة عشق لا يموت.

أخبار ذات صلة