ما وراء "ديربي الباسك".. معايير "احترافية" وعمل "قاعدي" قاد أتلتيك كلوب وريال سوسيداد لقمة النجاح في إسبانيا
قامت "البطولة" بدعوة من "لاليغا" بتغطية واحد من أبرز "الديربيات" في إسبانيا والقارة الأوروبية بشكل عام، حيث سنلخص لكم في هذا التقرير أهم ما ميز زيارتنا للمرافق والمشاريع الرياضية الكبرى لممثلي مدينتي "بلباو" و"سان سيباستيان" الإسبانيتين:
وقبل الدخول في تفاصيل الزيارة، دعونا نتعرف أكثر على تفاصيل ديربي "الباسك" في هذا الموضوع المفصل.
المدينة والملعب:
ينتمي الناديان لإقليم "الباسك" المتواجد بشمال إسبانيا، ويعد واحدا من الأقاليم التي تتوفر على استقلال تام في تسيير شؤونها في شتى المجالات سياسية كانت أو اقتصادية، حيث تعد اللغة الباسكية الهوية الأساسية للمنطقة فضلاً عن اللغة الإسبانية.
يمثل نادي "أتلتيك كلوب" مدينة "بلباو"، حيث يحبذ مناصروه تسميته بـ"أتلتيك كلوب" بدل "أتلتيك بلباو" دون الحاجة لذكر اسم المدينة، مثلما هو سائد في الوسط الرياضي العربي، في وقت يتخد فيه النادي من الأسد رمزا له.
بشعار وزي أحمر وأبيض وأسود، يعتبر ممثل مدينة بلباو نادي "أتلتيك كلوب"، واحدا من أنجح الأندية الإسبانية خلف ريال مدريد وبرشلونة، حيث يحل ثالثا من حيث عدد التتويجات محليا، فضلا عن كونه من الأندية الثلاثة التي لم تتذوق طعم النزول للقسم الثاني رفقة عملاقي الكرة الإسبانية (برشلونة وريال مدريد).
وبالحديث عن الملعب، يعتبر "السان ماميس" أو "كاتيدرالية لاليغا" مسرح إجراء مباريات النادي، حيث يعتبر واحد من أكبر الملاعب في إسبانيا، بطاقة استيعابية تصل لنحو أربعة وخمسون ألف متفرج.
وشهد الملعب تعديلات مهمة خلال سنة 2010 شملت توسيع المدرجات وتحديثات أخرى اقتصرت على الشكل الخارجي للملعب، ليحاكي شكله الثقافة الكاثوليكية السائدة في إسبانيا.
وفي الضفة المقابلة، يشتهر ممثل مدينة "سان سيباستيان" نادي "ريال سوسيداد" أو "لاريال" بلباسه الأزرق الأبيض، وعلى غرار "أتلتيك كلوب" يعد "ريال سوسيداد" من أكثر الأندية الإسبانية اعتمادا على لاعبين ولدوا وتكونوا محليا في نطاق إقليم الباسك، حيث استطاع النادي حسم اللقب المحلي مرتين، فضلا عن بلوغه نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، بلاعبين معظمهم تكونوا وتلقنوا كرة القدم محليا.
ويعتبر ملعب "الأنويتا" أو "لا ريال أرينا" المعقل الجديد للنادي منذ سنة 1993، حيث تمّ بناؤه ليحلّ محلّ ملعب "أتوتشا".
وشهد الملعب مجموعة من الإصلاحات استهدفت إزالة الحلبة المطاطية وتوسيع المدرجات، ما ساهم في احتضانه مجموعة من الأحداث الرياضية الأخرى خارج إطار كرة القدم، واستقباله أيضا للكثير من التظاهرات ذات الطابع الثقافي والاجتماعي للمدينة.
مراكز التداريب والتكوين:
"ليزاما" (أتلتيك كلوب):
تم افتتاح هذا المركز منذ عام 1971 إيمانا من النادي أن تطوير منتوجه الكروي يتطلب مركزا مماثلا، وبمعايير احترافية يمكن الاستفادة منها من طرف الفريق الأول ومن كل الفئات القاعدية للنادي.
ولعل ما آثار انتباهنا في هذا المركز هو المنطقة المشيد فيها، ذات الطبيعة الجبلية النقية والهادئة، والتي تبعد بحوالي 15 كلم عن مدينة بلباو.
ويستقبل هذا المركز الفريق الأول، والفريق النسوي الأول، فضلا عن فريق أقل من 17 سنة، و بعض الفرق التي تمثل الأقسام الدنيا في المنافسات المحلية في إسبانيا وكل الفئات أقل من 11 سنة.
وفي مساحة ممتدة لـ"13 هكتارا"، يضم ملعب "ليزاما" 4 ملاعب للعشب الطبيعي، ومثلها من العشب الاصطناعي، وملاعب أخرى مخصصة لتداريب حراس المرمى فقط، فضلا عن قاعات رياضية وطبية وأخرى للترويض الطبي ومسبح ومطاعم مخصصة للزائرين من مختلف أنحاء العالم.
وفي سبتمبر من سنة 2021، تم تفعيل "المشروع الحلم" للنادي ببناء أكاديمية "ليزاما" للشباب في نفس المركز الذي يضم أكثر من 30 غرفة مزدوجة تلبي مختلف حاجيات المستفيدين من التكوين، والدراسة وكافة وسائل الترفيه الأخرى كما هو مبين في الصور التي التقطناها بعدستنا.
"زوبييتا" المركب الرياضي الذي يحقق الإكتفاء الذاتي لنادي ريال سوسيداد:
لاشك أن كل المتتبعين لكرة القدم العالمية يعرفون "تشابي ألونسو" ويعرفون "أنطوان غريزمان"، لكن القليل من يدرك أن لاعبين من هذا المعيار، تم إنتاجهم من طرف نادي ريال سوسيداد وبكفاءة تقنية محلية باسكية تضم كتلة من المكونين.
وفي إحصائية بسيطة لهذا الموسم، فلاعبو "لا ريال" أبناء النادي تمكنوا من لعب ما يقارب 45% من إجمالي دقائق الفريق الأول، كثالث أعلى رقم محصل هذه السنة استنادا للمركز الدولي للدراسات الرياضية.
وشهد الموسم المنصرم تحقيق النادي لرقم رهيب حسب نفس المصدر الاحصائي، الذي أشار إلى أن "ريال سوسيداد" هو الفريق الأوروبي الذي يتوفر على أكبر تمثيلية للاعبين تم تصعيدهم للفريق الأول في الدوريات الخمس الكبرى بمعدل 17 لاعبا .
ويقع المركز على بعد 15 دقيقة من مدينة سان سيباستيان، ويضم 6 ملاعب، 4 منها ذات عشب طبيعي، وتحتوي هذه الأخيرة على نظام لامتصاص المياه في حالة حدوث فيضانات أو في حالة هطول أمطار شديدة تمنع من تضرر العشب الطبيعي.
ويضم هذا المركز عدة مرافق تساهم في تكوين احترافي للاعبين، كصالات الرياضة والترويض الطبي ومطاعم وقاعات كبيرة لتحليل أداء اللاعبين تضم مجموعة من الأطر رجالا ونساء.
ويستقبل المركز تداريب الفريق الأول والفريق الثاني رجال والفريق الأول لكرة القدم النسوية، فضلا عن أكاديمية النادي بكافة فئاته السنية.
ويظل حديث "لوكي أوريارتي" المدير المكلف بفئات الشباب، الذي رافقنا طيلة هذه الرحلة الاستكشافية أبرز ما ظل عالقا في ذهننا عن المركز، حين قال: "في مركز زوبييتا إن لم نصنع لاعبا لكرة القدم، فحتما سنصنع شخصا قادرا على فرض نفسه داخل المجتمع وصالحا له".