الدكيك ومنتخب "الفوتسال".. وصفة محلية ناجحة لن يَعمل بها عديمو الجُرأة - El botola - البطولة

من احتفالات المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة بكأس العرب

الدكيك ومنتخب "الفوتسال".. وصفة محلية ناجحة لن يَعمل بها عديمو الجُرأة

أيوب رفيق (البطولة)
28 يونيو 2022على الساعة21:36

كلما أتى داخل القاعة إنجازاً وحقّق لقباً أو تألّق في مسابقة، إلاًّ وأثبت أن معادلة النجاح ليست بذلك التعقيد الذي تتوهَّمه مكونات الرياضة الوطنية. في أصناف رياضية أخرى، يلوك المسؤولون ذات الأحاديث ويجترون نفس الخطابات، يعقدون مناظرات بمبرر التفتيش عن الأعطاب وتشريح الأوضاع، وهم يُدركون في قرارة أنفسهم أن الحلّ بمحاذاتهم وتعوزهم الجرأة للجوء إليه.

في هذه الرياضات، يُعوِّمون النّقاشات لحجب حقيقة سياساتهم التسييرية وأنماط مقاربتهم لشؤون اللّعبة، تَراهُم يُلقون بالوعود ويُعلّقون المسؤوليات على مشاجب أخرى دون أن يُنصّبوا أنفسهم جزءاً من الأزمة. هذا حال المجال الرياضي في شموليته منذ سنوات بل عقود، يحضر الاستهلاك الإعلامي المجاني للتفاصيل ويغيب الحديث عن مكمن الدّاء وصُلب الأزمة.

في المقابل، يمضي "أسود الفوتسال" بكل سلاسة ويحثّون الخطى بانسيابية بالغة، يُراكمون مكتسبات تلو أخرى ويشتغلون في صمتٍ مُطبق لا مساحة فيه للبهرجة. لا يحظى هذا المنتخب بحيّز من الاهتمام الشعبي والجماهيري وكذلك الإعلامي إلا أثناء المسابقات التي يُشارك فيها، وهذا يعود إلى خصلة يتحلَّى بها الإطار هشام الدكيك، الذي يتلافى الأضواء ما أمكن وينغمس بدلاً من ذلك في العمل والتحضير وضبط الإيقاع.

وَصْفَة الاشتغال التي تسلَّح بها الدكيك منذ بداية مساره في هذه اللعبة مبنية على قيم لا تُحيل سوى على النجاح وتحقيق الأهداف المرسومة. الرّجل ينكب على عمله في نُكران ذاتٍ وتضحية، والكثيرون يعلمون كيف أن ابن مدينة القنيطرة كان يُموّن من جيبه المنتخب الوطني الأول، مثلما أسرّ بذلك في حواراتٍ سابقة أجرتها معه صحيفة "البطولة"، قبل تقلُّد فوزي لقجع رئاسة الجامعة وانخراطه في مسلسل دفع هذه المجموعة إلى الأمام.

لقد سَلَكَ الدكيك المسار الصّعب واختار الانطلاق من الصّفر في عملية بناء المنتخب المغربي، كان واضحاً منذ البداية في سعيه إلى القمة وأصرَّ على العمل القاعدي الذي يشمل كل الجوانب، حتى لو كلّفه ذلك بيع بعض ممتلكاته لتقديم الدعم المالي حفاظا على ديمومة الكتيبة المغربية وتحصين حُلمه في قيادتها إلى ما يصبو له.

بالقطع، يسير "الفوتسال" المغربي وفق منهجية مدروسة وتخطيط مُحكم واستراتيجي بقيادة الدكيك بالتنسيق مع لقجع، لكنه في الوقت نفسه لا يستنفد طاقته في ما هو نظري فقط بغرض الاستهلاك والاستعراض، بل ينحو مباشرة صوب الأجرأة والتفعيل. إن المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة نموذج يُترجم مبدأ الأشخاص المناسبين في المكان المناسب، إذ تغيب عنهم الذّاتية ويُؤثرون الالتفاف حول الأهداف الموحدة أكثر من الفردانية وخدمة أنفسهم فحسب.

في غمرة حالة الشّك التي تُحيط بمنتخب وحيد خليلوزيتش، كما رياضات وفئات أخرى، لا بأس من استنباط الدروس من كتيبة الدكيك والوقوف على اللّبنات التي شيّدته وقوّت عوده ليبلغ هذه الذروة من العطاء؛ نحن الآن في حاجة إلى نماذج ناجحة محلّية الصُّنع حتى ننتشل بها الرياضات التي لا تسرّ الحال نحو ما نسعى إليه ونطمح له كشارع رياضي.

مواصلة التخلي عن اعتماد مبادئ الاستحقاق والصّدق والكفاءة في مُقاربتنا للمنظومة الرياضية سواء في جزئيتها أو كليتها، سيجعل مثل هذه النجاحات فلتات فقط قائمة على مجهودات فردية، مُقابل الافتقاد لنهضة رياضية شاملة تتحقّق بأساليب ومخططات موحدة أصبح الجميع يُدركها لكن قلة من المسؤولين هم من يملكون الجسارة للعمل بها.

"أسود الفوتسال" يؤكدون كذلك من خلال سلسلة نجاحاتهم في السنوات الأخيرة أن التألق غير مرتبط بالتمايزات المرتبطة بالجنسية والأصول وباقي الهوامش الأخرى، الفشل كما النجاح ليسا علامة مسجلة بمغربي أو فرنسي أو إيطالي مثلما يحسبه بعض المسؤولين، وإنما الأساس هو المؤهلات العلمية والمعرفية والشخصية وضرورة أن تكون لها الكلمة الفصل في ترجيح كفة هذا الطرف على آخر في تقلّد مهمة القيادة.

طاغات متعلقة

أخبار ذات صلة