منتخب قطر بطل آسيا... الكأس لمن يعمل لها
من النادر أن يتوج بطلٌ بمثل هذه الأحقية وهذه الجدارة، وألا تجد من يختلف على استحقاقه البطولة، هذا ما حدث مع منتخب قطر بطل كأس آسيا 2019، كيف لا وهو من ضرب الأرقام القياسية في طريقه لقطف الثمرة الأخيرة ... حمل الكأس الجديدة.
عَمل منتخب قطر بصمت واجتهاد طيلة فترة التحضير لبطولة كأس آسيا 2019 بالإمارات، ومن ثم حين بدأت البطولة لم تجد أي مسؤول أو لاعب، إلا ويتحدث عن كل مباراة على حدة، هكذا أراد العنابي تقديم نفسه قبل أن يدخل العد العكسي لاستضافة البلاد كأس العالم 2022.
شخصياً لا زالت أحتفظ في هاتفي تسجيلات من لقاءات أجريتها مع لاعبين قطريين قبل بدء البطولة بأسابيع أبرزهم المعز علي والكابتن حسن الهيدوس، إذا استمعتم لها ستجدون جُمل مثل نتمنى: "أن نقدم شيئاً جيداً لبلادنا" و"نفكر مباراة تلو الأخرى" و"سنعطي كل ما عندنا".
وقبل بداية بطولة آسيا فاز الأدعم بمباريات ودية كبيرة أهمها على سويسرا والإكوادور، رغم ذلك لم يتحدث أحد عن الفوز بالبطولة.
هذه التصريحات المتوازنة لم تأت بشكل فطري من اللاعبين بل جاءت بسبب العقلية الاحترافية التي غُرست في رؤوسهم، والتي أنجبت إرادة أوصلتهم لحلمهم.
إرادة تعزّزت بأسلوب تدريبي واضح وجلي قاده المدرب الإسباني فيليكس سانشيز (43 عاماً)، الذي جاء بعد 10 سنوات من تدريب شباب برشلونة فتولى تدريب العنابي الشاب من 2013 لغاية 2015 وحقق بطولة آسيا تحت 19 عاماً 2014، مع لاعبين استمروا معه إلى اليوم أبزهم أكرم عفيف والمعز علي، ثم ورغم عدم حصوله على بطاقة الترشح لريو 2016 مع الأولمبي إثر حلوله رابعاً في بطولة آسيا تحت 23 عاماًفي 2015، التي جرت بقطر بالتحديد، تم الصبر عليه.
تابع المدرب صعوده مع أغلب لاعبيه الذين ولدت موهبتهم على يديه إن صح التعبير، فشارك في كأس العالم 2015 لدون 20 عاماً في نيوزيلندا حيث خرج من الدور الأول، ثم قادها إلى المركز الثالث في كأس آسيا 2018 لدون 23 عاماً في الصين.
* المواهب صناعة
ويخطئ من يظن أن موهبة المعز علي، على سبيل المثال ولدت في البطولة المنتهية أمس، بل قبل ذلك بسنوات فاللاعب توج بجائزة هداف بطولة آسيا تحت 23 عاماً في الصين عام 2018 كما أنه تمرس على الانتصارات مع ناديه الدحيل في السنوات الأخيرة.
العمل على تمكين المواهب القطرية كان يجري على مستويات عدة، فبعد التنشئة القوية احترف عدد من اللاعبين في أوروبا هذا ما جعلهم يعودون إلى الأندية القطرية بمزيد من الفِكر المحترف والقوة الرياضية.
ولا يقتصر دور أسباير على تخريج مواهب كرة القدم في البلاد، بل بالرياضات الأخرى أيضاً ليس بداية بمعتز برشم بطل الوثب العالي ولا نهاية بالذهبيات التي حققها لاعبو ألعاب القوى في آسياد 2018.
* ثقافة الرياضة
وبات من نافل القول إن اهتمام دولة قطر بالرياضة عموماً وبكرة القدم خصوصاً ينعكس بشكل مباشر على أسلوب الحياة في الدولة، اهتمام مقرون بعدة محاور لعل أهمها غرس الثقافة الرياضية في المجتمع المحلي المكون من المواطنين والمقيمين.
فدولة قطر تكاد تكون الوحيدة التي تحتفل بعيد للرياضية في الثلاثاء الثاني من شهر شباط/ فبراير من كل عام، وهو يوم عطلة رسمي تكتسي فيها الدولة بالمظاهر الرياضية الواضحة.
وفي قطر يتم العمل على إنشاء متحف خاص بالرياضة تحت اسم متحف قطر الأولمبي والرياضي من المتوقع افتتاحه رسمياً نهاية العام الحالي في أسباير.
وطالما الحديث عن أسباير التي تستحق لقب مصنع الأبطال (في كرة القدم وغيرها) بشكل عملي لا بشكل شعاراتي، يلتحق بهذه الأكاديمية مستشفى خاص بالرياضيين تحت اسم أسبيتار لمعالجة المحترفين والهواة.