
" الفتنة النّائمة يلعن الله موقظِها.. هذا إن اعتبرنا واتّعظنا..! "
محمد زايد (البطولة)
أن تكون فِتنّ "نائمة" ويبعثها البعض من سُباتها، فهذا فِعل شيطاني بفِكر بَشري، حتى لو في ثوب رياضي.
بالأخلاق والشرع يلعن الله موقظي الفِتن ومؤججيها بين الناس، خاصة من تتلطخ نياتهم بأهداف لا شرعية، شخصية ابتزازية أو خِدمة لمصالح الأنا والغير.
لحسن الحظ أن للّه محكمة بعد البعث توفي كل ذي حق حقّه، و أحكام منها تُنفذ هنا ويستعشرها المذنب بوعي أو بدونه.
فعلاً خسِئَت كل نفسٍ أمارة بالسوء ما اتعظت، يزرع الله في وجوه أصحابها مقتاً ومسخاً يُرى ويُسمع.
قد يتخذ البعض من أهل الاختصاص مراكزهم من أجل تأكيد ما سبق، و السعي لخدمة المصالح الذاتية "الخبيثة" المذكورة أعلاه، غير آبهين بما قد ينتج عن هذه الخطوات من مآسي قد تصل حتى لزرع العنف وتبادل الأذى.
ما نراه اليوم وما عايشناه في الأيام القليلة الماضية من تطاحنات بين مناصري الرجاء و الوداد الرياضيين، تحديدا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب مطالبة الفئتين بتطبيق القوانين ومراجعتها الخاصة باللاعبين والأندية والجموع العامة، وبمعاقبة هذا اللاعب وإخراج هذا الفريق من مسابقة قارية يشارك فيها و ما إلى ذلك، لا ينم عن ضمائر حية تسعى للصلاح، بقدر ما ينبع من نفوس ترد الصاع صاعين، وتهدف إلى تخريب بيت الجار أكثر من بناء بيتها وإصلاحه قدر الإمكان.
صدقوني هؤلاء بُؤر الشر ينبع منهم كل أذى، حتى لو استصغره البعض واعتبره تافها، لكن وقعه أشد وأعمق، يجعل من النفوس تنجذب للكره والرغبة في الانتقام أكثر من أي شيء آخر، في حملات ينطلق بعضها من ميدان صحفي شريف بطبعه مُدنس بسلوكيات بعضهِ، يُعاني الويلات في زمننا هذا رغم الانتماء المتواضع إليه -كي لا أتحدث باسم المؤسسات- للأسف الشديد.
لن نُطالب بمدينة للملائكة بالأخضر والأحمر، يفرح فيها مشجع الوداد لفوز الرجاء أو العكس، تُوزع فيها الورود من طرف مناصر هذا الفريق في حق مناصر الفريق الجار، أو يحزن لانتكاسته، أو حتى بأن يجتمعا معا في الملعب ويهتفان بصوت واحد "آميغو كانتاري" أو "حكاية ساعة ونص".. لا لا، لا نطالب بالمدينة الفاضلة هنا، إن كان مقياس الوفاء لفريقك وتعصبك له يعني تمنيك خسارة غريمك أو رؤيتك له في وضعية "كروية" سيئة جدا، فليكن ذلك، لا أحد طلب منك تمني الفوز لمنافسك أو أن تسعد لانتصاراته وتحزن لخيباته، بل نطالب بكف الأذى والتشهير والسب والقذف والعنف اللفظي والمعنوي والرغبة في رد الصاع صاعين والانتقام.
نطالب هنا بالسعي لصلاح بيوتنا الداخلية ودفع أنديتنا للرقي الفكري والكروي واعتلاء المجد، حتى ولو على حساب الغريم، لكن في إطار رياضي تنافسي "لي عندو يربح" لا في إطار كَيْدي يجعل أكبر همنا، فشل الجار ولو على حساب نجاحنا، ومهما كانت الطريقة، حتى لو خالفت الشرع والأخلاق والضمائر للأسف الشديد.
قطبا البيضاء ينافسان على أربع واجهات، اثنتان منهما خارجيتان، يحتاجان فيهما لكل أنواع الدعم والمؤازرة والتشجيع، قف على ناصية الأمل وادفع فريق نحو الأعالي وكُفّ عن اتباع وساوِس شياطين الإِنس ومكائدهم، لن ندّعي أن رياضتنا عموما وكُرتنا خاصة على الطريق السوي إداريا وتقنيا وتسييريا، بل نعلم جيدا أن شوائبها لا تعد ولا تحصى، غير أننا وكما ذكرنا بداية، هناك فرق بين الدعوة للإصلاح وبين السّعي للخراب وتحقيق المآرب الشخصية، والفرق بين الحالتين يكمن في نية الأشخاص، ونعلم أن لكل امرئ ما نوى، من كانت نيته صادقة سيُجزى على صِدقها ومن كانت نيته غير ذلك فلينتظر حَصد ما زرع، فالفتنة النّائمة يلعن الله موقِظها ومُحرّكها، هذا إن اعتَبرنا واتعظنا.
للتواصل مع الكاتب عبر البريد الإلكتروني، أو عبر حسابه على "فايسبوك":
m.zaid@elbotola.com