
.
تقرير خاص | طنجة "محتضنة السوبر الإسباني" استعصت على الإسبان، فآمنوا بمغربيتها
بقلم | محمود علي
في الوقت الذي دفعت فيه المملكة العربية السعودية ملايين الدولارات من أجل استضافة السوبر الإيطالي، كان الاتحاد الإسباني لكرة القدم يُفاوض نظيره المغربي من أجل قبول المملكة المغربية إقامة السوبر الإسباني على أراضيها، وبالتحديد في الشمال، في مدينة السحر والجمال، مدينة طنجة.
وعلى غير أصولهم الاستعمارية، وضع الإسبان، من دون قصد، طنجة رأساً برأس مع طرفي السوبر الإسباني، برشلونة وإشبيلية، لتصنع بماضيها الأمازيغي والإسلامي الكبير، الحدث، وتطرح سؤالاً تصدر المشهد وشغل الجميع.. لماذا طنجة؟
في طنجة قال التاريخ الكثير والكثير، لكن علامات عظيمة بعينها تستوقفك حين تبدأ في القراءة عن تلك المدينة وعن أصولها، علامات بدورها تضعك أمام الإجابة التي كنت أبحث أنا شخصياً عنها مثل غيري في أي مكان في العالم.
فـ بخلاف تاريخها النضالي الطويل، تملك طنجة دون غيرها تاريخاً آخر فقط من وحي اسمها، الاسم الذي يملك وحده أسطورة من أساطير التاريخ الإسلامي.
ففي كتاب "قراءة في أسماء المدن العربية" قال الكاتب الفلسطيني، هاني العزيزي، إن اسم المدينة يعود تاريخه إلى عهد النبي نوح عليه السلام، حين ضلت سفينته الناجية الطريق أثناء البحث عن اليابسة، حتى حطت حمامة أرجلها المنغمسة في الطين على متنها، ليصيح الراكبون فرحاً باقتراب اليابسة "الطين جا، الطين جا"، لتعرف منذ ذلك الحين بـ "طنجة".
وفي أساطير آخرى إغريقية، قيل إن طنجة، هو اسم زوجة آنتي نجل ملك "إله" البحر اليوناني، بوسيدون، الذي أهداها مملكة امتدت من سبتة إلى ليكسوس.
مرت طنجة في تاريخها الأمازيغي والإسلامي بالكثير من المراحل، لعل أهمها كانت فترة الفاتح الإسلامي الشهير، طارق بن زياد، الذي قام بفتوحات إسلامية عظيمة في الأندلس.
وفي العصر الحديث، وبعد هزيمة الجيش الإسباني أمام الجيش المغربي في عام 1921، حاولت أقلية إسبانية في طنجة إثارة بعض القلاقل من أجل خضوعهم للسلطة الإسبانية، لكن محاولاتهم باءت بالفشل، حتى عادت إسبانيا عام 1940 مرة آخرى إلى طنجة في محاولة لـاحتلالها، لكن السلطان محمد الخامس،رحمه الله، أعادها مُجدداً إلى أحضان المملكة المغربية عام 1956، بفضل سياساته المحنكة في إكمال السيادة الوطنية على المغرب، ليهجرها نسبة كبيرة من سكان الجارة إسبانيا، وتستعيد بريقها الأمازيغي الإسلامي المغربي من جديد.
بقيت طنجة منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، شوكة في حلق الإسبان، الذين يحسدون المغاربة عليها، لما لها من أهمية اقتصادية وجغرافية خرافية، وقربها من مسطحات مائية كـ بحيرة سيدي قاسم التي تستقبل سنوياً آلاف الطيور المهاجرة عبر العالم، وما تحمله على إثر ذلك من أهمية في أفريقيا وحوض البحر المتوسط.
لم يكن أمام الإسبان منذ أن استعصت عليهم طنجة إلا الاعتراف بها رغماً عنهم من خلال إصرارهم على إقامة العديد من أحداثهم الكبيرة رياضية ودولية عبر التاريخ فيها وآخرها كأس السوبر الإسباني الذي ستجرى أحداثه في المدينة بعد خمسة أيام، وكذا مداومتهم على زيارتها كـ سائحين، في إقرار واعتراف منهم بـ مغربيتها.