فَرَنسا صَهَرَتْ الجميع في بوْتَقةٍ واحدةٍ .. فلا حديث عن منتخب "إفريقي" - Elbotola - البطولة

المنتخب الفرنسي

فَرَنسا صَهَرَتْ الجميع في بوْتَقةٍ واحدةٍ .. فلا حديث عن منتخب "إفريقي"

أيوب رفيق (البطولة)
15 يوليوز 2018على الساعة19:05

أيوب رفيق (البطولة)

اعتلى عرش الكرة العالمية، بعدما أفلح في اغتيال الطموح ، واحتواء الحَماس الجامح لرِفاق القائد ، في مباراةٍ انْتَصَرت إلى الخبرة والحسابات التكتيكية الدقيقة التي ضبطت أداء "الديوك"، ليْس فقط في هذه المقابلة، بل منذ بداية ، والتي دوماً ما أولى فيها أهمية قصوى للمبدأ "الميكيافيلي"، المُحتكم للنتيجة على حساب المردود.


بالموازاة مع تسلُّق الفرنسيين لأدوار المونديال، ومُضيِّهِم قُدماً صوب المراحل النِّهائية، ثمَّة من حاوَلَ العزْف على وتَرِ الجذور التي ينْحدِرُ منها الجزء الأكبر من لاعبي "الزُّرْق"، للطَّعْنِ في جدارتهم بهذا الإنجاز، ذلك أن الأسماء ذات الأصول الفرنسية معدودة على رؤوس الأصابع في قائمة الـ23 التي سافرت إلى روسيا.


هذا الطرَّحُ، في الواقع، ينْبَني على "شعبوية" مقيتة، و"حُكم مسُبقٍ" مُتسرِّعٍ للغاية، فهذا البَلدُ الأوروبي لم يستورد هؤلاء اللاعبين، كما يُروّج لذلك البعض، وإنَّما أشرف على نشأتِهِمْ منذ أبصروا النوّر، كما شهدت أزِقَّته وشوارِعَهُ على تَعلِّقهم بالمستديرة، وقام بإدماجهم في سيرورة سليمة ضمنت لهم احتراف اللعبة.


فرنسا، اليوم، هي أول مُصدِّر للاعبين داخل القارة الأوروبية، والثانية في العالم بعد البرازيل، حتى أن 50 إسماً من أصل 736 الذين خاضوا كأس العالم من إنتاج المدرسة الفرنسية، ومن بينهم عدد مهم من اللاعبين الذين شارك بهم المنتخب الوطني المغربي في المحفل العالمي.


إن مسؤولي الاتحاد المحلي، هناك، انخرطوا، منذ أكثر من عِقديْن، في سياسة كروية متينة عِمادها الأول هو التكوين، والاهتمام بالفئات الصغرى والمتوسطة، من خلال الانكباب على تدشين الأكاديميات والمدارس التي تأوي الأطفال والشباب، في سبيل تأمين ذلك التوازن بين التحصيل العلمي والرياضي.


لقد قرَّرت الحكومة الفرنسية، في التسعينيات من القرن الماضي، فَرْض الرسوم الجبائية على المداخيل التي تجنيها الرياضة الاحترافية، بصورة عامة، سواء من النَّقل التلفزي أو مصادر أخرى، فماذا فعلت بتلك العائدات؟


إيماناً منها بأن القاعدة، والأرضية، من أهم أركان أي نجاح، وهي أساس كل إنجاز، فقد وزَّعت تلك السيولة المالية على أندية الهواة ومدارس التكوين، من أجل أن تحظى، بعد سنوات، بكمٍّ هائل من المواهب عالية الجودة، يُمكنها المُمارسة في أعلى المستويات، وكم نتُابع الآن من إسمٍ فرنسي يحمل قميص أندية كبرى مثل ريال مدريد وبرشلونة ومانشستر يونايتد وبايرن ميونيخ.


الحوادث العُنصرية التي يُمكن أن تشوب المشهد الفرنسي، بين الفينة والأخرى، لا يُمكن أن تَحْجبَ المجهودات التي بذلها هذا البلد في توفير جو ومُناخ مُلائميْن للكل، سواء أبناء المُهاجرين المنحدرين من أصول إفريقيا، أو الفرنسيي الأصل، وهو ما يُثبته تشكُّل المنتخب من عدد من الأسماء الأجنبية الجذور، فالكفاءة هي ذات الصوت العالي في آخر المطاف، وليس الجذور.


ليس ثمَّة حظٌّ في عالم كرة القدم، رغم أنها لعبة، لكنها صارت، بدورها، قائمة على أُسسٍ علمية ومنطقية، أبرزها أن الاجتهاد والتخطيط المُحكم وإعمال الشَّفافية والنزاهة يُفضيان رأساً إلى حصد الإنجاز ومُعانقة النجاح.


هنيئا لفرنسا برمتها.. 

طاغات متعلقة

أخبار ذات صلة