خاص
"قصة طلاق الوداد و طاليب"
البطولة (البيضاء) م.ز
هي قصة أشبه بالشريط السينمائي "الهيتشكوكي"، بأحداثها المتباينة، والمتلاحقة متنوعةً، بين تأكيد ونفي، حتى صار المتتبع للشأن الكروي ببلادنا، وخاصة من هم غيورين على فريق الأمة، تائهين وحائرين بين تصديق هذا أو تكذيب ذاك، في انتظار ما ستجود به ساعات المستقبل، لعلها تأتي بالخبر اليقين.
ولأنه نادٍ كبير، بحجم نادي الوداد الرياضي، فإن مثل هذه الأمور قد تخدش الصورة "الاحترافية" لهذا الكيان الكروي، إن وُجدت أصلا هذه الاحترافية، في موقف، يؤكد أن كرتنا لا زالت تعيش هواية ما بعدها هواية.
الخميس 13 فبراير ـ بيان تكذيب من ادارة النادي:
بعد أن أصدرت إحدى الجرائد الوطنية خبر مفاوضة ادارة الوداد لبعض المدربين، خلفا للمدرب عبد الرحيم طاليب، في أفق الانفصال عنه، خرجت إدارة الوداد ببيان تستنكر فيه هذه الاخبار، تؤكد أنها متشبثة بمدربها عبد الرحيم، وأنها سعيدة بالعمل الذي يقوم به.
السبت 15 فبراير ـ ما قبل مواجهة الحسنية:
قبل مباراة حسنية أكادير جاءت بعض جماهير النادي الاحمر للمدرب طاليب، مهدين إياه وشاحا جديدا لمجموعة "الوينرز"، و مؤكدين مساندتهم لفريقهم، ومطالبين إياه بتقديم مباراة في المستوى، وتحقيق نتيجة الفوز في مباراة الحسنية، لأن الجمهور الودادي يرغب في رؤية فريقه حاملا لدرع الدوري نهاية الموسم.
قبل الدخول الى مستودعات الملابس، يأتي أحدهم لطاليب ويريه خبرا يتحدث عن إقالته بعد مباراة الحسنية إن هو حقق نتيجة أخرى غير الفوز، ليصاب بالذهول، "حسب قوله"، بعد أن قرأ تلك العبارة، وهو الذي لم يلتقِ رئيس الفريق منذ مدة ولم يتصل به بعد اللقاء، وهو ما زرع نوعا من الشك في نفسية طاليب.
مباراة بأداء بارد من لاعبي الوداد، وأداء يطرح أكثر من علامة استفهام، ليخرج الفريق منهزما بهدف لصفر.
السبت 15 فبراير ـ "باسطا..."
في الندوة الصحفية التي تَلَت تلك المواجهة، بدا وجه المدرب المنفصل عن فريقه شاحبا، وهو يقول عبارة "باسطا"، يكفي ادعاءَات وتشويش، مهددا بالرحيل، ومؤكدا بأن اللاعبين أو لنقل بعض اللاعبين يؤازرونه في محنته، وجماهير الفريق تطالبه بالبقاء، مع ظهور بعض السلوكيات التي بدرت من بعض اللاعبين، والتي أثارت عددا من علامات الاستفهام، خاصة من طرف البعض، فمنهم من دخل في مناوشة مع الجماهير، ومنهم وأسطر على هذه العبارة بخط أحمر، من يضع في أذنيه سماعات أذن، ينصت لأغاني فريق منافس، و آخرون غير مكترثين بما يحدث، وأن المواجهة تلك لا تهم فريقهم أبدا.
الأحد 16 فبراير ـ طليب يختفي عن الانظار:
بعد العودة الى البيضاء، بدأت التأويلات بخصوص رحيل أو بقاء طاليب، حميد حسني الملقب بطاسيلي، هو من بين أشد المدافعين عنه، أكد في وقت سابق، عدم الانفصال عن طاليب حينها، ورئيس الفريق وقتها بالرباط يجتمع بروراوة، لكنه أخذ قرارا انفراديا بالحسم في قضية طاليب، مخبرا أصدقاءه بالأمر، و دون اجتماع يذكر، وبإيعاز من أحد المسيرين الذي كان يحاول استبدال المدرب طاليب في وقت سابق، لعدم رغبته ببقاءه، بحكم أنه لن يجلب للفريق درع هذا الموسم.
اغلاق طاليب لهاتفه، وتلويحه بالمغادرة، و كذلك رغبة بعض المسيرين بعزله، دفعت البعض الى الاتصال ببعض المدربين من أجل تعويض طاليب في حال رحيله، وهو ما قسم المكتب المسير للوداد بين مؤيد ومعارض.
الاثنين 17 فبراير ـ الغاء تداريب بداية الاسبوع:
في الغالب تجرى التداريب عشية يوم الاثنين، إن لعب الفريق يوم السبت، لكن تداريب ذاك اليوم لم تجرَ، وأول البعض ذلك برحيل المدرب طاليب، و اعتبر أسماء عوضت إياه على رأس العارضة التقنية، من قبيل الطاوسي و الصحابي وغيهرم، غير أن هذا كله لم يحدث، وكانت المفاوضات فقط سرية بين فاخر في وقت سابق، وشوشان التونسي، وبنعبيشة مدير النادي التقني، الذي كان الاقرب، بحكم انتمائه للنادي الاحمر.
اجتماع أكرم ببعض أصدقائه، لم يكن بصبغة رسمية، و لم يكن طاليب حاضرا فيه حينها، تم تدارس فيه نقطة البحث عن بديل له في حال رحيله، خاصة وأنه لوح بذلك ما بعد مباراة الحسنية، وأيضا لرغبة بعض المسيرين برحيله عاجلا لا آجلا، حتى أن البعض أصدر رسميا خبر انفصال طليب عن الوداد.
الثلاثاء 18 فبراير ـ طاليب يقود تداريب الوداد:
صبيحة يومه الثلاثاء، وفجأة ظهر طاليب قائدا لتداريب الوداد، مفندا كل الادعاءَات التي تحدثت حينها عن الانفصال الرسمي، لأنه من المستحيل أن يقدم مدرب ما استقالته، أو ينفصل عنه النادي، و يأتي لتدريب الفريق.
بل حتى أن بعض المسيرين، كذبوا عقد أي اجتماع سواء بالنادي أو خارجه، حول موضوع بقاء المدرب أو رحيله، وهو ما أكده حضور المدرب حينها للاشراف على تداريبه الاعتيادية، وهاتفه الرسمي، دائما خارج التغطية.
الاربعاء 19 فبراير ـ "وانتهى المشوار..وآه يا خوفي من آخر المشوار.."
طاليب صباح هذا اليوم تدرب بشكل عادي أيضا، وقام بعقد اجتماع ببعض اللاعبين، منبها إياهم لأخطائهم وما الى ذلك، حتى أنه كذب جملة وتفصيلا لقاءه بأي مسير أو رئيس الوداد أكرم، باستثناء الطاسيلي ليلة الثلاثاء، والذي أخبره أنه باق في منصبه، و أنه يسانده في عمله الذي يقوم به.
الساعة الثانية زوالا، يتصل "راديو مارس" بالمدرب طاليب مستفسرا إياه عن وضعه حينها بالوداد، لينفي له كل مايروج عن اقالته، ومضحا أنه ادارة الوداد تتشبث به، وأنه تلقى عرضا من بعض الاندية، أبرزها "الماص"، وأنه سيطلب من الادارة فعلا حمايته أو الرحيل، والحماية طبعا من المشوشين كما أسماهم، و هو ما أكده للبطولة أيضا في تصريح مصور.
يقول طاليب للبطولة في مكالمة هاتفية ليلة الامس: " كنت على موعد برئيس الوداد في حدود الساعة السابعة مساء، قل التوجه اليه، صليت صلاة استخارة، وعندما جلست إليه، أخبرته باستحالة بقائي بالفريق كمدرب، بعد ما أصبحت أعيش حالة نفسية صعبة، بل تلقيت تهديدات بالتصفية الجسدية، لأطلب منه المغادرة بشكل ودي، وهو ما تم آنذاك بالفعل، بعد أن قبلوا ذلك بسهولة".
طاليب كان سيجري مباراة الكوكب المراكشي كفرصة أخرى لتحقيق الفوز، وبعدها مناقشة مستبقله، لكنه آثر الرحيل، بعد أن تبين أن بعضا من "الاشباح" كي لا أسمي أحدا، يريدون رحيله، مفضلا راحة البال على الضغط النسفي، علما أنه وجد مروان بناي رئيس المغرب الفاسي فاتحا ذراعية، وطالبا منه تقلد مهام تدريب المغرب الفاسي، وهو ما قبله طاليب تقريبا، في انتظار ما هو رسمي، قبل أن يفند الطاسيلي خبر استقالته بعد رحيل طاليب، حيث كان من أشد المدافعين عنه، و شاكرا له على كل ما قدم للفري في فترة تدريبه.
لينتهي بذلك مسلسل "طاليب" الذي كان شبيها بمسلسلات رمضان التسعينيات إبان ميقات الافطار، انتهى مسلسل كان حافلا ببعض التفاصيل التي تبين أن المثل القائل "السن يضحك للسن والقلب فيه خديعة"، لا زال قائما لوقتنا هذا، وتاركا وراءه علامة استفهام كبيرة جدا، وأسئلة أكبر، حول هذه الطريقة الدراماتيكية في المغادرة، في موقف يثير الاستغراب حول الطريقة و ليس الفعل.
"دمتم محترفين"