عزوف الجماهير..داء يجتاح الملاعب المغربية - Elbotola - البطولة

ملعب الأمير مولاي عبد الله

عزوف الجماهير..داء يجتاح الملاعب المغربية

09 يناير 2014على الساعة17:11

أيوب رفيق ( البطولة ) 

بينما ترسو تجربة " الإحتراف " للسنة الثالثة على الكرة المغربية ، لازالت  تشكو العديد من العوائق و تُعاني من انتصاب جملة من الحواجز التي تصدها عن إبراز بريقها و ترجمة الطاقات الهائلة التي تزخر بها ، كما يتجسد ذلك في سيل من المظاهر ، على غرار العزوف الجماهيري عن الملاعب المُحتضنة لمباريات الدوري التي باتت تُجرى تحت صمت مُطبق ، و في أجواء باردة تبتعد معظمها عن شغف المتابعة و حرارة المؤازرة .

 

وراء هذه الظاهرة ، أسباب و دواعي ساهمت في تأصيلها حتى باتت مُستعصية على الجهات المعنية التي عملت غير ما مرة على استئصالها و اجتثاتها ، لكن دون أن تنجح في تسليط الضوء على مكمن الخلل الرئيسي الذي يُعطل لحاق الكرة المغربية بالدول الرائدة على المستوى العربي و الإفريقي .

 

و لأن ابتكار الحلول دون تشريح الإشكال و تقليبه على أوجه عدة ، لا يُمكن بأي حال من الأحوال أن يُساعدنا على الإهتداء إلى سبل القضاء على الظاهرة ، فإننا سنستعرض بعضا من الأسباب التي تُنفر الجماهير من الملاعب المغربية و تحرمهم من مشاهدة المباريات عن كثب .

 

الشغب .. ظاهرة غير صحية تُنفٌر الجماهير من الملاعب

 

بالحديث عن إقلاع الجماهير عن مشاهدة المباريات بالملاعب المغربية ، يستحضر الكثيرون تلقائيا ظاهرة الشغب التي أثثت بقوة الملاعب في السنوات الأخيرة ، بل أبعدتها عن الإطار الرياضي ، لتحولها إلى مرتع للتطاحنات و السجالات غير الرياضية ، في مشاهد مُشينة و غثة يُمكن إسقاطها على المباراة التي جمعت بين فريقي و سنة  2008 ، و التي عرفت أحداث شنيعة لوثت صورة الكرة المغربية .

 

الشغب في الميادين المغربية ، مُرتبط بالعديد من الظواهر غير الصحية التي تشهدها الملاعب ، من قبيل تفشي الأساليب الخارجة عن اللياقة في التشجيع بما فيها المفردات الساقطة التي تسود المدرجات و تتناهى إلى مسامع متابعين قدموا لمشاهدة اللعبة الأكثر شعبية في البلد ، فتذوقوا مرارة ما يعتري الكرة المغربية من هالات سوداء تنخر جسدها .

 

و في هذا الصدد ، يعتبر رئيس ودادية المدربين المغاربة ، عبد الحق رزق الله الشهير بلقب " مندوزا " أن اجتياح الشغب للملاعب المغربية سيؤدي حتما لعزوف الجماهير عن الميادين ، حيث قال في تصريح صحفي : " بعض الأحداث التي تشهدها الملاعب ، تكرس المنحى الخطير الذي أخذته هذه الآفة و التي ستؤدي حتما إلى عزوف هواة الرياضة الأكثر شعبية بالمغرب عن الملاعب " .

 

و عليه ، فإن العزوف الجماهيري يُعد نتيجة لما تعرفه الملاعب المغربية بين الفينة و الأخرى من شغب و مظاهر بعيدة عن الروح الرياضية أجهزت على رونق المستديرة و حرمت الكثيرين من ارتشاف متعتها و تذوق جماليتها .

 

ضعف المستوى التقني و مظاهر أخرى .. تدفع المتابعين إلى الجنوح نحو أوربا

 

علاوة على ظاهرة  الشغب ، يعزو الكثيرون غياب الجماهير عن الملاعب المغربية إلى ضعف المستوى التقني و الفني لمباريات الدوري المغربي التي تصطدم بإيقاعات الدوريات الأوربية المرتفعة ، و التي غدت تستقطب الأنظار و تستأثر بالإهتمام على حساب المقابلات التي تُجرى على بساط الملاعب المغربية سواء المُندرجة في إطار البطولة الوطنية أو مسابقة كأس العرش .

 

في هذا النطاق ، يقول هشام الذي يحرص على تتبع أطوار المباريات في الملاعب بين الفينة و الأخرى لموقع " البطولة " إن المستوى الفني المتوسط يُعتبر من الأسباب التي تلجم إقبال الجماهير المغربية على الإهتمام باللقاءات المحلية و معاينتها في الملاعب ، و ذلك مقابل توجيه بوصلتها نحو الدوريات الأوربية التي توفر لها توابل المتعة و الإثارة ، دون الحاجة إلى التنقل و مكابدة كل المشاكل التي ترافق تنقل الأنصار إلى الملاعب .

 

هذا المُعطى يتجسد بالملموس ، في تعلق فئة كبيرة من المتابعين المغاربة بالأندية الأوربية التي يعاينون مبارياتها و يتعقبون مستجداتها أولا بأول ، حتى ذهب الأمر بالبعض إلى شد الرحال نحو القارة العجوز لمشاهدة المباريات من المدرجات ، و هذا كله يأتي مقابل هجر الفئة المذكورة للميادين المغربية و تخلفها عن صب اهتمامها على الأندية المغربية .

 

إلى ذلك ، تمتد الأسباب الكامنة خلف غياب الجماهير عن الميادين إلى مظاهر أخرى ، من بينها غياب الأمن داخل و خارج الملاعب و تمركزها غالبا خارج المدن ، و هو ما يطرح مجموعة من العوائق أمام الجماهير من قبيل غياب وسائل النقل .

 

و يستعرض هشام في معرض حديثه لموقع " البطولة " الأسباب الأخرى التي تُشجع الجماهير على هجر الملاعب ، حيث يقول  : " هناك مجموعة من الدواعي ، على غرار تمركز الملاعب خارج المدينة ، و إشكال التنقل ، بالإضافة إلى غياب الأمن خارج الملعب " .

 

إعادة الجماهير إلى الملاعب .. يقتضي مراجعة أساليب تدبير الكرة المغربية

 

مع استعراض كل هذه الحواجز و المظاهر التي تحول دون تأثيث الأنصار و المتابعين المغاربة للملاعب ، تأتي حتمية الإهتداء إلى السبل الكفيلة بالقضاء على كل المسببات التي تقف أمام حضور الجماهير إلى الميادين المغربية التي أضحت تُعاني العزلة و الفراغ .

 

كل ما يكتنف الملاعب المغربية من عزف جماهيري ، يقودنا رأسا نحو حتمية مراجعة الأوراق و إعادة النظر في أساليب بناء الصرح الرياضي في المغرب ، و محاولة تغيير المخططات التي تخرجها الجهات المعنية قصد تطوير الكرة المغربية و نقلها لمستويات أعلى تُمكنها من مقارعة أفضل الدول في هذا المجال على الصعيد العربي و الإفريقي .

 

إذا ، فالعزوف الجماهيري و غيره من المسببات التي تساهم في غزوه للملاعب المغربية ، ليس سوى نتيجة للإرتجالية في التسيير و فشل كل الوصفات التي تُقدمها الأجهزة التدبيرية لطرد الأمراض التي تتربص بالكرة المغربية .  

 

للتواصل مع الكاتبhttps://www.facebook.com/ayoub.rafik2

طاغات متعلقة

أخبار ذات صلة