قاما بجولات أوروبية كثيرة وباستمرار، الواحدة تلو الأخرى ، وبالتناوب ، رأفة بجامعتنا الموقرة .الأول كريستوف كولومبوس والثاني ماجلان . والحمد لله أن اللاعبين من أصل مغربي لا يلعبون في بطولات أمريكية وآسيوية وأوسترالية وإلا لاستغثنا بصندوق المقاصة من أجل دعم سفرياتهما الجوية المكلفة. ولا تستغربوا إذا برز لاعب في نيوزيلاندا وكان والداه مغربيان أو أحدهما ، سيرحلان معا هذه المرة على متن نفس الطائرات ليس تقشفا وإنما لأن الخطوط الجوية بيننا ونيوزيلاندا منعدمة وسيتطلب الأمر أربع رحلات أيابا وأخرى ذهابا وكأنهما يشاركان في بطولة لبلاي أوف وسوف لن يشعرا بالضجر ماداما يتكلمان نفس اللغات ويشتغلان عند مشغل كريم جواد حاتمي مع الأجانب عامة ولن يرفض لهما طلبا وهما بالإضافة إلى هذا مخلصان في عملهما الجوي وكأن أمهما مغربية دعت عليهما وهما صغيران ـ والظاهر أنهما كانا مشاكسين مشاغبين ـ بدعاء السخط "الله إيعطيك شي طيارة تططايرك !!" بمعنى اللهم واريه عن أنظارنا بالمرة . واستجاب لها الله لقد ركبا على كل أنواع الطائرات في مطارات المغرب وأوروبا ماعدا الكونكورد ! هذه المرة سيحاولان إقناع اللاعب معا وسينجحان لا محالة في مهمتهما الشاقة واللاعب الشاب المسكين بينهما حائر، كل منهما يرسله حيث يشتهي ككرة المضرب، لا يعرف أين يستقر ؟ أ في المنتخب الأولمبي أم منتخب الكبار؟

الغريب في الأمر أن غيريتس الملقب بالرحالة كريستوف كولومبوس كان هاتفه شغالا لما كنا ننتظر قدومه وهو في المملكة العربية السعودية وكان يهاتف مساعده كوبرلي ويسير دفة منتخب كامل من هناك .ولما حل بيننا في المغرب تعطل هاتفه وأصبحت هواتفنا لا تمتد تغطيتها إلى أوروبا ، والأنترنيت عندنا غير شغال بتلك الجودة المطلوبة والمقابلات المنقولة في قنواتنا التلفزية المغربية والأجنبية بكل تلك الجودة والتغطية الشاملة ناهيك عن الإعادات والتصوير من كل الزوايا المختلفة لا تشفي غليله . فالمشاهدة ينبغي أن تكون بالمعاينة وعن قرب في نظره .إنه منتهى الإخلاص والتفاني في العمل !!!. إن كولومبوس وماجلان كرتنا الوطنية لا يعرفان الكلل . مئات الرحلات الجوية وهما محاطان بحاشيتيهما .أحدهما لم يبق له مايكفي من الوقت لحلق دقنه . عشرات الملاعب زاراها ، والطقس مضطرب ، لإقناع لاعبي المهجر المغاربة بضرورة اللعب للمنتخبين الوطنيين الأولمبي ومنتخب الكبار ومئات الدعوات للاعبين لم يستجيبوا لها ولنداء الوطن حتى الآن وآخرين استجابوا ولم يقنعوا فعادوا بخفي حنين بعد المشاركة الأولى وآخرين ينتظرون دورهم .وهكذا دواليك .ولا زال كولمبوس وماجلان كرتنا الوطنية يرحلان دون كلل والمنتخبان لم تكتمل صفوفهما بعد ، ويعيدان الكرة من  جديد حتى أصبح ربابنة الطائرات المتجهة صوب أوروبا يعرفونهما بل ويحتفظون بمقاعد شاغرة لهما ولحاشيتيهما تحسبا لمفاجآت السفر والتنقيب . ومن أجل الاطمئنان سجلوها وحفظوها باسميهما الكريمين في المحافظة العقارية الجوية ، وأصبحوا يعرفون أنواع الوجبات التي يأكلانها والخمور التي يشربانها هما وحاشيتاهما بل أصبحا لا يحتاجان لحزام السلامة هبوطا ونزولا بل خصصوا لهما أحزمة خاصة خوفا على سلامتهما . حتى في قوائم الوصول والمغادرة الإلكترونية أصبحت الطائرات التي تقلهما تحمل اسميهما عوض اسم الخطوط التي تنتمي إليها فتسمع مايكروفون المطار يقول ...طائرة كولومبس أو ماجلان رقم كدا وكدا القادمة من مراكش تأخرت عن الوصول نصف ساعة والسبب تعرفونه طبعا ينتظرونهما حتى وإن تأخرا وإذا ركبا الطائرة في الوقت المحدد فإجراءات الترحيب والحفاوة بهما وبحاشيتيهما تتطلب وقتا إضافيا . ترحيب بالمسافرين العزيزين على الخطوط الجوية الجاثمين على قلوبنا المسكينة العليلة بالإخفاقات المتتالية .

لحسن حظنا أن خطوطنا البحرية لا تشتغل إلا صيفا والبطولات الأوروبية حينها متوقفة ولحسن حظ الخطوط الجوية كذلك فالمنافسة غير متكافئة والغلبة ستكون للبحر ونسيمه وسفنه لأن صاحبينا يفضلان الاستجمام والرفاهية فهما يضحيان حين يتحملان مضطرين قيود أحزمة الطائرات يغنيان  "أعطني حريتي أطلق يديا"

وملاعبنا ما حظها من كل هذه السفريات وهذا التنقيب ؟ فالرحالتان لا يعرفان منها إلا ملعب مراكش الجديد وما شابهه . أيعرفان أين توجد العونات حيث كان أبو شروان أو الكارة ومنها جاءنا العلودي أو القصر الكبير ومنها قدم لغريسي أو تازة مدينة الحضريوي ؟ أم أن وسائل نقل هذه المدن وقرى أخرى لا تليق بمقام كريستوف وماجلان . هي عبارة عن حافلات قديمة مرهقة لا تتوفر على أدنى شروط الراحة ، وطاكسيات مهترئة وخطافة وكرويلات أم أن الطرق المؤدية إليها وعرة مليئة بالقبور عفوا الحفر وتنعدم فيها فنادق حتى نجمة واحدة ؟

نعم . يحق لنا فعلا أن نفتخر ونباهي الأمم بإنجاز عظيم ! فالألمان عباقرة الكرة يغيرون لاعبا أو لاعبين اثنين كل أربع سنوات ومنتخباتنا لا تستقر على حالها . فبفضل مجهودات وتضحيات ومغامرات كريستوف كولومبوس وماجلان الجوية  وسفرياتهما حتى في الأجواء المضطربة نغير أربع فرق في السنة بلاعبين كل منهم يتكلم لغة بما فيها الألمانية والفلامانية ولكن لا بأس فمدربانا خبيران يتقنان كل لغات أوروبا من كثرة الترحال . لا تكثرتوا بأمر اختلاف لغات لاعبينا الدوليين  no problem  

بقلم عاطف الطاساوي الغيواني .